شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يصح أو يفسد من النكاح

صفحة 64 - الجزء 3

  وأخبرنا أبو العباس الحسني |، قال: أخبرنا أحمد بن سعيد الثقفي، قال: حدثنا أحمد بن الأزهر، قال: حدثنا عبدالرزاق، عن معمر، عن ثابت، عن أنس: أن⁣(⁣١) النبي ÷ قال: «لا شغار في الإسلام»⁣(⁣٢).

  وروي نحوه عن الحسن عن عمران بن حصين عن النبي ÷(⁣٣).

  وروى أبو داود في السنن بإسناده عن نافع عن ابن عمر أن النبي ÷ نهى عن الشغار⁣(⁣٤).

  فصارت هذه الأخبار موجبة تحريم نكاح الشغار؛ فوجب فساده.

  فإن قيل: ما أنكرتم على من قال لكم: إن الذي يجب أن يفسد هو المهر دون عقد النكاح، وفساد المهر لا يوجب فساد العقد.

  قيل له: الأخبار التي ذكرناها اقتضت تحريم نكاح الشغار دون ما سواه، والنكاح عندنا هو العقد، وعند مخالفنا هو الوطء، فوجب أن يكون المحرم هو العقد أو الوطء بهذا العقد، وأيهما ثبت ثبت تحريم العقد، ولا وجه لصرفه إلى المهر؛ إذ النكاح ليس باسم للمهر، فبان به صحة ما ذهبنا إليه.

  فإن قيل: لو فسد العقد لم يخل فساده من وجوه: إما لأنه انطوى على منفعة للزوج، أو لأنه وقع معرى عن المهر، أو لأنه وقع بمهر فاسد، وكل هذه الوجوه مما لا يوجب فساد النكاح، فوجب أن يكون العقد صحيحاً.

  قيل له: هذا كلام من يرى أنه لا يجب تحريم الشيء وفساده بمجرد قول صاحب الشرع، وأن التحريم والفساد إنما يجب إذا عرفنا لهما وجهاً سوى ما يذكره صاحب الشرع، وهذا فاسد بإجماع المسلمين، فوجب سقوط هذا السؤال،


(١) في (أ، ج): عن.

(٢) وأخرجه عبدالرزاق في المصنف (٣/ ٥٦٠، ٦/ ١٨٤).

(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٤/ ٣٣) والطبراني في الكبير (١٨/ ١٦٥).

(٤) سنن أبي داود (٢/ ٩٣).