كتاب النكاح
  ولزوم(١) القضاء بإفساد هذا العقد؛ لتحريم النبي ÷، ألا ترى أنه غير ممتنع أن يكون ورد الشرع بتحريم النكاح إذا عقد على الخمر، وإباحته إذا عقد على الخنزير، وإن كان المهر في العقدين فاسداً؟ فإذا ثبت ذلك وجب تحريم عقد نكاح الشغار؛ لظاهر كلام النبي ÷ وإن كانت أحواله في الوجوه الثلاثة على ما ذكر.
  فإن قيل: فنحن نقيس نكاح الشغار على نكاح يعقد على الخنزير والخمر فنقول: إنه لا يجب أن يفسد نكاح الشغار لفساد المهر كما لا يجب أن يفسد نكاح على الخمر والخنزير.
  قيل له: عندنا أن نكاح الشغار لم يفسد لفساد المهر فقط فيكون سبيله سبيل النكاح المعقود على الخنزير والخمر، وإنما فسد لأن الفساد(٢) فيما انطوى العقد عليه؛ لأنه لما زوج ابنته على أن يكون بضعها مهراً لابنة المتزوج بها صار مستثنياً بضعها من جملة العقد، فلم يتم العقد، وصار ذلك رفعاً لبعض ما أوجبه، فوجب فساده، وليس كذلك النكاح المعقود على الخمر والخنزير؛ لأن العقد فيه قد سلم وتم، والفساد إنما وقع في المهر، فبان فساد قياسهم.
  على أن جميع ما ذكروه يوجب عليهم القول بجواز المتعة وإفساد المدة على ما ذهب إليه زفر، فلا بد لهم من الرجوع إلى مثل جوابنا فيه.
  على أنا نقيس نكاح الشغار على نكاح المتعة فنقول: إن كل واحد منهما اقتضى رفع بعض موَجب العقد فوجب أن يكون فاسداً؛ لأن الشغار اقتضى استثناء البضع من جملة العقد، والمتعة اقتضت استثناء بعض المدة، والعقد يقتضي التأبيد.
  على أن قياسهم لو ثبت لكان قياسنا أولى؛ للحظر والاحتياط، ولأنهم قد قالوا: لو أن امرأة تزوجت عبداً على أن تكون رقبته مهراً لها فسد النكاح، فكذلك يجب أن يكون الشغار؛ لأن المعقود عليه جُعل عوضاً.
(١) في (د): ولزم.
(٢) في (أ، ج): الإفساد.