باب القول فيما يصح أو يفسد من النكاح
  حدثنا أبو بشر الرقي، قال: حدثنا أبو معاوية الضرير، عن عبيدالله(١) بن عمرو، عن نافع، عن ابن عمر قال: «عُرضتُ على رسول الله يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني في المقاتلة، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة(٢) سنة فأجازني في المقاتلة»(٣) فذكر الحكم وذكر السبب، فدل ذلك على أن خمس عشرة سنة سن البلوغ.
  فإن قيل: يجوز أن يكون النبي ÷ أجازه وإن لم يكن بلغ، كما كان يرضخ لمن حضر الوقعة من النساء والمراهقين الذين ينتفع بهم.
  قيل له: إنه فسر الحال وقال: لم يجزني في المقاتلة يوم أحد، وأجازني في المقاتلة يوم الخندق، فبين أن الإجازة لم تكن على سبيل الرضخ، وإنما كانت إجازة المقاتلة، وتلك لا تكون إلا للبالغين.
  فإن قيل: روي عن ابن عمر(٤) خلاف ما روي عنه؛ لأنه روي عن البراء بن عازب قال: «عرضني رسول الله ÷ أنا وابن عمر يوم بدر فاستصغرنا رسول الله، ثم أجازنا يوم أحد»(٥)، ففي هذا الحديث أن ابن عمر أجيز يوم أحد، وهو خلاف ما رواه ابن عمر.
(١) في المخطوطات: عبدالله. والمثبت من شرح معاني الآثار.
(٢) استشكل هذا بعضهم بأنه ينبغي أن يكون في الخندق ابن ست عشرة سنة؛ لأن أحداً كانت في شوال سنة ثلاث، والخندق كانت في سنة خمس على قول ابن إسحاق، وأجاب البيهقي وغيره بأن قوله: عرضت يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة أي: دخلت فيها، وأن قوله: عرضت يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة أي: تجاوزتها، وأما على قول موسى بن عقبة: إن الخندق في شوال سنة أربع فلا إشكال. اهـ انظر فتح الباري لابن حجر (٥/ ٣٢٩).
(٣) شرح معاني الآثار (٣/ ٢١٧، ٢١٨).
(٤) كذا في المخطوطات، ولعلها: عن غير ابن عمر. ولفظ شرح معاني الآثار للطحاوي (٣/ ٢١٩): وقد روي عن البراء بن عازب ¥ فيما كان من رسول الله ÷ في أمر ابن عمر خلاف ما روي عن ابن عمر.
(٥) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٣/ ٢١٩).