كتاب النكاح
  وروى هناد بإسناده عن جابر، عن الحكم، عن علي بن الحسين أو الحسين بن علي $: أن التي وهبت نفسها للنبي ÷ أم شريك الدوسية.
  وبإسناده عن هشام عن أبيه قال: كان يقال(١): إن خولة بنت حكيم من اللاتي وهبن أنفسهن للنبي ÷.
  فهذه الأخبار تدل على أن الهبة كانت عقداً له ÷، فإذا ثبت ذلك له ثبت لسائر أمته على ما بيناه.
  وروي أن امرأة جاءت إلى النبي ÷ فقالت: يا رسول الله، إني وهبت نفسي لك، فقال: «ما لي في النساء حاجة»، فسأله رجل أن يزوجه إياها، فقال النبي ÷ للرجل: «قد ملكتكها على ما معك من القرآن».
  فدل ذلك على أن النكاح يقع بلفظ التمليك كالبيع.
  ولا خلاف أن الطلاق يقع بالصريح(٢) والكناية [فكذلك النكاح]، والعلة أنه عقد يختص منافع البضع. وأيضاً يملك بلفظ الهبة بضع الأمة، فوجب أن يملك به بضع الحرة، والعلة أنه من لفظ التمليك. ويعضد قياسنا أن البيع موضوع لتمليك المنافع والأعيان، والنكاح موضوع لتمليك المنافع دون الأعيان، فلما ملك بالبيع الأعلى كان أن يملك به الأدنى أولى.
  وأيضاً فإن(٣) قياسنا يفيد شرعاً، فوجب أن يكون أولى.
  ولا يعترض ما ذهبنا إليه لفظ الإباحة والإحلال؛ لأنهما لا يقتضيان التمليك.
(١) في (أ، ج): يقول.
(٢) في المطبوع: بالتصريح.
(٣) «فإن» ساقطة من (أ، ج).