شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في ذكر الأولياء

صفحة 118 - الجزء 3

  ما⁣(⁣١) قلناه من أنه لا يجوز إنكاح⁣(⁣٢) الأبعد مع الأقرب [قد تقدم وجهه]⁣(⁣٣). وقلنا: إن الوليين المتساويين إذا أنكحاها من رجلين صح العقد المبتدأ به لما رواه أبو داود في السنن بإسناده عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي ÷ قال: «أيما امرأة زوجها وليان فهي للأول منهما، وأيما رجل باع بيعاً من رجلين فهو للأول منهما»⁣(⁣٤).

  ولأن أحد الوليين إذا زوجها من رجل بإذنها ثبت العقد بينها وبينه وصارت مزوجة فلم يقع عليها إنكاح الثاني⁣(⁣٥)، وهذا قول أبي حنيفة والشافعي.

  وحكي عن مالك أنه قال: إذا دخل بها الثاني غير عالم بعقد الأول فهو أولى بها، وإن دخل مع العلم أو لم يدخل بها فهي للأول. وهذا الفرق لا معنى له؛ لما بيناه، ولأنه قد وافق أنه إن لم يدخل بها أو دخل بها مع العلم فهي للأول، والجهل لا يزيل النكاح الثابت. ولا خلاف أن الأختين لو تزوج الرجل إحداهما بعد الأخرى ثم دخل بها غير عالم بالحال أن النكاح الأول هو الثابت دون الثاني، فكذلك ما اختلفنا فيه، والعلة أنه نكاح فاسد عرض بعد نكاح صحيح فلم يجب أن يفسد الصحيح ويصح الفاسد للدخول على سبيل الجهل.

  فأما إذا وقع العقدان معاً أو لم يدر أي العقدين وقع أولاً، وقد كانت المرأة أذنت لكل واحد من الوليين بالإنكاح - فوجه إبطالنا العقدين: أن ثبوتهما ممتنع لا يصح، وليس أحدهما بالبطلان أولى من الآخر، فوجب أن يبطلا جميعاً، كما أن رجلاً لو تزوج أختين في عقد واحد أو تزوج خمس نسوة في عقد بطل نكاح


(١) في (د): وما.

(٢) في (د): نكاح.

(٣) زدنا ما بين المعقوفين لاستقامة الكلام. وقد تقدم وجه ذلك قريباً.

(٤) سنن أبي داود (٢/ ٩٦).

(٥) في (أ): بعد هذا: غير عالم بعقد الأول.