شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب النكاح

صفحة 124 - الجزء 3

  فأما ما ذهبنا إليه من أنه يجوز شهادة رجل وامرأتين فهو قول أبي حنيفة وأصحابه، وقال الشافعي: لا بد من شهادة رجلين.

  والدليل على صحة ما ذهبنا إليه: حديث محمد وزيد ابني علي بن الحسين $ عن النبي ÷: «لا نكاح إلا بولي وشهود».

  وروي عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن النبي ÷: «لا نكاح إلا بولي وشهود».

  وذلك يتناول الرجل والمرأتين؛ لأن اسم الشهود يتناولهم جميعاً.

  وما روي عن النبي ÷ من قوله: «لا نكاح إلا بولي وشاهدين» يقتضي صحة النكاح برجل واحد وامرأة واحدة، والثانية⁣(⁣١) مضمومة إليها بالإجماع.

  وقد استدل على أن الرجل⁣(⁣٢) والمرأتين في الشرع شاهدان بقول الله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْۖ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٞ وَامْرَأَتَٰنِ}⁣[البقرة: ٢٨٢] وعلى هذا يجب صحة النكاح برجل واحد وامرأتين بصحة إطلاق⁣(⁣٣) اسم الشاهدين عليه.

  ويدل على ذلك أنه عقد معاوضة فوجب أن يثبت بشهادة رجل وامرأتين، دليله البيع والإجارة، أو يقال: إنه حق لا تسقطه الشبهة فوجب أن يثبت بشهادة رجل وامرأتين، دليله سائر الحقوق من النسب والولاء والعتاق وغيرها.

  أو يقال: هو مما يثبت بالشهادة على الشهادة فأشبه سائر الحقوق. واعتبارنا أولى من اعتبارهم وقياسهم عقد النكاح على الحدود والقصاص؛ لأن الحدود والقصاص جارية مجرى العقوبات، وتعلقها بالجنايات والمآثم، والنكاح بسائر الحقوق والعقود أشبه؛ لأنه عقد يحصل على طريق المراضاة.


(١) في (د): والمرأة الثانية.

(٢) في (ج، د): وقد استدل على ذلك بأن الرجل.

(٣) في (ج، د): انطلاق.