كتاب النكاح
  المواضع مع لزوم اليمين؛ فكذلك(١) قلنا: إن اليمين تسقط؛ إذ قد وجدنا ذلك في بعض الأصول، ولم نقل: إن حكم النكول يسقط مع لزوم اليمين؛ لأنا لم نجده في الأصول، فلما وجدنا حكم النكول في هذه المواضع ساقطاً قلنا: إن اليمين لا تلزم فيها.
  قيل له: ما ادعيتم من أنكم لم تجدوا في الأصول سقوط حكم النكول مع لزوم اليمين أمر استبددتم به دون المخالف لكم، فلا يصح احتجاجكم به، وإذا لم يصح الاحتجاج به كان أكثر ما فيه أنه مستمر على أصولكم، فيعود الأمر إلى ما قلناه من أن إسقاط حكم النكول أولى من إسقاط لزوم اليمين؛ للوجه الذي بيناه.
  على أنه لا خلاف بيننا وبين أبي حنيفة وأصحابه أن الذين تلزمهم الأيمان للقسامة لو نكلوا لم يكن يجب الحكم بنكولهم، فقد أريناهم في أصل اتفقنا نحن وهم عليه أن حكم النكول يسقط مع لزوم اليمين(٢).
  فإن قيل: هذه الأشياء لما لم يصح فيها البذل أشبهت الحدود في أن لا يمين فيها.
  قيل له: هذا ينتقض بالقصاص؛ لأن القصاص لا يجوز به(٣) البذل، ومع هذا فقد أوجبتم فيه اليمين.
  فإن قيل: فهو مما يصح فيه البذل؛ لأن رجلاً لو قال لآخر: اقتلني فقتله لم يكن عليه قصاص.
  قيل له: هذا الذي ذكرتموه فاسد من وجهين: أحدهما: أنكم وإن لم توجبوا عليه فيه القصاص فقد أوجبتم فيه الدية، وإن قلتم: إنها استحسان.
(١) في (د): فلذلك.
(٢) في (أ): حكم اليمين.
(٣) كذا في المخطوطات، ولعلها: فيه.