باب القول في المهور
  جميعه منصوص عليه في الأحكام(١)، خلا ما ذكرناه من النكاح على تعليم القرآن فإنه خرج من منع الهادي # في كتاب البيوع استحقاق العوض على تعليم القرآن، ومنعه النكاح إلا بعشرة دراهم فصاعداً.
  والخلاف في هذه الجملة في موضعين:
  أحدهما: إذا تزوجها على مهر فاسد نحو الخنزير والخمر وغيرهما مما لا يتأتى فيه البيع فإن مالكاً يذهب إلى أن عقد النكاح يكون فاسداً، وقال أبو حنيفة والشافعي مثل قولنا.
  والأصل فيه: ما ثبت من صحة النكاح المعرى عن المهر على ما بيناه، فإذا كان عدم المهر لا يوجب فساد النكاح لم يوجبه فساد المهر؛ لأن فساده ليس أكثر من عدمه أصلاً؛ لأنه لا فصل بين سقوط المهر لترك ذكره وسقوطه(٢) لفساده.
  ويمكن تحرير القياس فيه بأن يقال: لا خلاف أن الخمر والخنزير والحر لا يجوز أن يكون مهراً، فوجب ألا يفسد النكاح فإن سمى فيه ما ذكرنا أجمعنا كما أجمعوا عليه من أنه لا يفسد وإن لم يسم فيه مهر، والمعنى أنه عقد النكاح، فوجب ألا يفسد لعدم المهر.
  فإن قاسوه على البيع بعلة أنه يفسد لفساد العوض لم يصح ذلك؛ لأن البيع لا يثبت إلا بثبوت العوض، فلم يمتنع أن تكون صحته شرطاً في صحة البيع، وليس كذلك النكاح؛ لأنه يثبت وإن لم يثبت العوض.
  فإن قاسوه على الشغار قلنا لهم: الشغار فسد من حيث استثني منه ما اقتضاه العقد، وهو بضع كل واحدة منهما على ما بيناه في مسألة الشغار.
  ويشهد لما ذهبنا إليه قول الله سبحانه: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ اَ۬لنِّسَآءِ}[النساء: ٣] وقوله تعالى: {وَأَنكِحُواْ اُ۬لْأَيَٰمَيٰ مِنكُمْ}[النور: ٣٢] فلم يشترط
(١) الأحكام (١/ ٣٦٤).
(٢) في (ج، د): أو سقوطه.