شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يرد به النكاح

صفحة 184 - الجزء 3

  بينهما)⁣(⁣١) وروي نحو ذلك عن عمر⁣(⁣٢).

  فإن قيل: روي عن علي # أنه قال: (هي امرأته إن شاء أمسك، وإن شاء طلق).

  قيل له: هذا الخبر مروي عن الشعبي، وقد روى الشعبي عنه ما قدمناه، فدل ذلك على أن المراد به بعد الدخول.

  ومما يدل على ذلك أن النكاح هو عقد معاوضة فوجب أن يكون للرد بالعيب مسرح في كل واحد من البدلين؛ دليله البيع، ولا خلاف أن المهر يتأتى فيه الرد بالعيب، فوجب أن يكون البضع كذلك، والعلة أنه أحد البدلين في عقد النكاح. وأيضاً وجدنا الرتق يمنع من تسليم البضع، فوجب أن يكون ذلك يقتضي الخيار لمن يستحق التسليم، دليله من يشتري داراً ثم يجد فيها غاصباً يمنع من التسليم لا خلاف أن له الخيار في فسخ العقد، والعلة أنه عقد اقتضى تسليم المعقود عليه، فإذا حصل ما يمنع التسليم كان لمن يستحق التسليم الخيار في العقد. ويبين أن الرتق مانع من تسليم البضع: أنه لا خلاف بيننا وبين أبي حنيفة أن التي خلا بها زوجها وهي محرمة أو صائمة في رمضان أو حائض لا تستحق كمال المهر؛ لحصول ما هو مانع من تسليم البضع، وقد علمنا أن الرتق منعه أبلغ من منع الإحرام والصوم والحيض، وأنه الذي يمنع في الحقيقة، وهذه الأشياء تمنع حكماً، فإذا ثبت ذلك في الرتق ثبت في سائر ما ذكرناه.

  على أن الجذام أيضاً مما يمنع من التسليم حكماً، وذلك لما: أخبرنا به عبدالرحمن بن محمد الأبهري، قال: حدثنا محمد بن علي بن الحسين بن أبي الحديد


(١) وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٣٥١) ولفظه فيها: إذا تزوج المرأة فوجد بها جنوناً أو برصاً أو جذاماً أو قرناً فدخل بها فهي امرأته، إن شاء أمسك وإن شاء طلق. زاد فيه وكيع عن الثوري: إذا لم يدخل بها فرق بينهما.

(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٣٤٩).