كتاب النكاح
  قيل له: وأي غرض للنبي ÷ في ألا يحصل بتلك الصفة الخيار حتى يحمل قوله على ذلك؟
  فإن قيل: لأنه لا فائدة فيه متى لم يحمل عليه.
  قيل له: يحتمل أن تكون الفائدة في ذلك فضل الرجال على النساء، لقول(١) الله تعالى: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٞۖ}[البقرة: ٢٢٨] وكما روي في حديث القسامة أن حُوَيِّصَة ومُحَيِّصَة لما قدما إلى النبي ÷ قال: «الكبر الكبر»، فأراد تقديم الأكبر لما جعل للأكبر من الفضل على الأصغر.
  ومما يدل على ذلك أنها ملكت بضعها وهي تحت زوج، فوجب أن يحصل لها الخيار في فسخ النكاح؛ دليله لو كانت تحت عبد. وهذه علة قوية تترجح على ما يعارضها؛ لأنها علة منصوص عليها؛ لما روي عن النبي ÷ أنه قال: «ملكت بضعك فاختاري»(٢) فجعل العلة الموجبة لخيارها(٣) أنها ملكت بضعها من غير أن تملك هي ما قابله من المهر، وهذه العلة موجودة إذا كانت تحت حر، فوجب أن يحصل لها الخيار.
  ويقوي قياسنا أنا نراعي الأمر المتجدد، وهو العتق، وبه تعلق الحكم، وهو المجاوز للحكم، فوجب أن يكون تعلق الحكم به أولى؛ ولأنه يفيد شرعاً.
  فإن قيل: العلة فيها أن العبد ليس بكفء.
  قيل له: هذا لا ينافي علتنا، فنقول بالعلتين، على أن الكفء يعتبر في حال العقد، كما أن عدم الطول إلى الحرة عندنا وعند الشافعي يراعي في حال العقد على الأمة، فلم يجب أن يكون به معتبر بعد ذلك.
(١) في (أ، ج): ولقول.
(٢) أخرجه الدارقطني (٤/ ٤٤٤) بلفظ: «اذهبي فقد عتق معك بضعك» وزاد ابن سعد في الطبقات (٨/ ٢٥٩) عن الشعبي مرسلاً: «فاختاري».
(٣) في (أ): لاختيارها.