باب القول في نكاح المماليك
  وإن لم يكن مأذوناً له فمن كسبه، وكل ذلك مال لسيده، فيقاس ما زاد على ذلك بالعلة التي ذكرناها.
  فإن قيل: هلاَّ قلتم: إنه يكون في ذمة العبد يطالب به إذا عتق.
  قيل له: لأن الذي يحصل في ذمة العبد هو الذي يرضى صاحبه بذلك، كأن يبيعه شيئاً بغير إذن مولاه أو يقرضه، وليس كذلك من تزوجته بإذن مولاه؛ لأنها لم ترض بكون الشيء في ذمته، فأشبه ذلك أن يباع من المأذون له شيء أو يباع من المحجور عليه شيء معين بإذن مولاه في أن ذلك لا يكون رضا بكون الثمن في ذمة العبد، فكذلك مهر التي تتزوج به بإذن سيده، وإنما يجب ذلك لو كانت تزوجته بغير إذن سيده ظناً منها بأن ذلك جائز، ووطئها، ونحن لا نأبى أن الحال إذا كانت هذه يكون المهر ديناً في ذمته يطالب به إذا عتق.
  وما ذكرناه من أن الأمة لا يجوز تزوجيها على الحرة وأن الحرة تتزوج على الأمة مما لا أحفظ فيه خلافاً، وقد رواه زيد بن علي عن أبيه عن جده(١)، وذكر يحيى بن الحسين $ أنه مروي عن النبي ÷(٢).
  وأما ما ذكره يحيى # من رضا الحرة بذلك فليس يتبين(٣) لي أنه جعله شرطاً في جواز العقد، وأوجب لها الخيار إن(٤) لم تكن عرفته، وليس يبعد عندي أن يكون ذلك قاله استحباباً.
  ووجه من جعل ذلك موجباً لخيارها إذا عرفته بعد العقد - وهو الأظهر من كلام يحيى بن الحسين # - أن(٥) موضوع النكاح على رفع الغضاضة عن
(١) مجموع الإمام زيد بن علي # (٢١٢).
(٢) أخرجه الدارقطني في السنن (٥/ ٧١) والبيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٦٠٦).
(٣) في (أ، ج): يبين.
(٤) في (ج): وإن.
(٥) في (أ): إذ.