شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب النكاح

صفحة 229 - الجزء 3

  ثم درت» يدل على أن الثلاث لها؛ لأنه ÷ فصل بين السبع والثلاث، وبين أن الثلاث لا توجب التثليث لغيرها.

  فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ اَ۬لنِّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْۖ فَلَا تَمِيلُواْ كُلَّ اَ۬لْمَيْلِ} فنبه على وجوب التسوية ما أمكن.

  وروي عن النبي ÷ أنه قال: «من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما دون الأخرى جاء يوم القيامة وشقه مائل»⁣(⁣١).

  قيل له: هذا مما يكون⁣(⁣٢) ظلماً أو حيفاً دون ما يكون حقاً للواحدة منهن أو حقاً للزوج، ألا ترى أنه لا خلاف بيننا وبين أبي حنيفة في أن للرجل أن يسافر بمن شاء منهن، وأن يخص بالوطء من شاء منهن، وأن قسم الأمة قاصر عن قسم الحرة؟ فإذا ثبت ذلك وثبت بالأخبار التي بيناها أن السبع حق للبكر وأن الثلاث حق للثيب وجب أن تكون الأخبار مخصصة لما تعلقوا به من الآية والخبر.

  فإن قيل: لما كانت مساوية لهن في النفقة وبعد هذه القسمة في القسم وجب أن تكون مساوية لهن في أول القسم، والعلة أنه من حقوق النساء.

  قيل له: هذه العلة منتقضة بالإماء؛ لأنهن يساوين الحرائر في النفقة ولا تساوي بينهن في القسمة، وأيضاً يجب التساوي بينهن في الحضر بعد ذلك ولا يجب ذلك في السفر؛ إذ له المسافرة بواحدة منهن. وإن صحت لهم علة أمكن أن تعارض بأن يقال: هما امرأتان مختلفتا الحال في الحد⁣(⁣٣)، فوجب أن تكونا مختلفتي الحال في القسم؛ دليله الأمة والحرة، ثم يقوى قياسنا باستناده إلى النصوص التي تقدمت، وبأنه ينقل، ويفيد حكماً شرعياً⁣(⁣٤).


(١) أخرجه أبو داود (٢/ ١٠٨) والنسائي (٧/ ٦٣).

(٢) في (ج) ونسخة في (أ): كان.

(٣) لأن الثيب إذا زنت تقتل، والبكر إذا زنت تجلد مائة. (من تعليق ابن أبي الفوارس).

(٤) في (ج): حكماً وشرعاً.