شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في معاشرة الأزواج

صفحة 242 - الجزء 3

  وأخبرنا أبو بكر المقري، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا ابن أبي داود، قال: حدثنا الوهبي، قال: حدثنا ابن إسحاق، عن داود بن الحصين⁣(⁣١)، عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، عن جابر بن عبدالله أنه قال: قال رسول الله ÷: «إذا خطب أحدكم المرأة فقدر على أن يرى منها ما يعجبه فليفعل» قال [جابر]: فلقد خطبت امرأة من بني سلمة فكنت أتخبأ في أصول النخل حتى رأيت منها [بعض] ما يعجبني فخطبتها⁣(⁣٢).

  فإن قيل: فقد روي عن النبي ÷ أنه قال لعلي #: «يا علي، لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى وليس لك الثانية»⁣(⁣٣)، وروي عنه أيضاً أنه ÷ سئل عن نظرة الفجاءة فقال: «اصرف بصرك»⁣(⁣٤) فقد عارض هذا ما اعتمدتم.

  قيل له: خبرنا يخص موضع الخلاف، وهو مفسر، وهو أولى، وما ذكرتم من الحديث محمول على أن المراد إذا كان الناظر لا يريد الخطبة وأراد أمراً محظوراً. على أن الوجه إذا لم يكن عورة جاز النظر إليه إذا لم يرد بالنظر ما ذكرناه وكان مريداً للخطبة، ويبين أنه ليس بعورة أنه لم يؤخذ على المرأة ستر الوجه في الصلاة، ولو كان الوجه عورة لوجب عليها ستره في الصلاة؛ إذ لا خلاف أن ستر العورة واجب فيها عليها.

  ويدل على ذلك: أن المحرمة يلزمها كشف وجهها، فلو كان الوجه عورة لم يجز لها كشفه كما لا يجوز كشف سائر العورات.

  فإن قيل: فهل تقولون: إن النظر إلى الوجه من المرأة مباح على الإطلاق؟


(١) في المخطوطات: حدثنا إسحاق بن داود بن الحسين. والمثبت من شرح معاني الآثار.

(٢) شرح معاني الآثار (٣/ ١٤).

(٣) أخرجه أبو داود (٢/ ١١٢) والترمذي (٤/ ٣٩٩) والطحاوي (٣/ ١٥).

(٤) أخرجه أبو داود (٢/ ١١١، ١١٢) ونحوه مسلم (٣/ ١٦٩٩).