شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب النكاح

صفحة 251 - الجزء 3

  وهو البينة مع الدعوى.

  والأصول كلها تشهد لقياسنا؛ لأن كل رجلين اشتركا في السبب الموجب من غير مزية اشتركا في المُوْجَبِ عن السبب⁣(⁣١)، كالشريكين في الربح، والشريكين في الشفعة، والشريكين في اليد، وغير ذلك.

  على أنه لا قول في هذه المسألة إلا ما قلناه والقول بالقافة، وقد دلت الدلالة على بطلان القول بالقافة؛ فوجب أن يثبت صحة ما قلناه.

  فإن قيل: فلم أبطلتم القول بالقافة؟

  قيل له: لأنه حكم لم يقتضه العقل والشرع فوجب أن يكون باطلاً.

  فإن قيل: ما أنكرتم على من قال: إن الشرع قد ورد به، وذلك ما رواه الزهري عن عروة عن عائشة أنها قالت: دخل مجزز المدلجي على رسول الله ÷ فرأى أسامة وزيداً وعليهما قطيفة قد غطيا رؤؤسهما فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض، فدخل علي رسول الله ÷ مسروراً تبرق أسارير وجهه⁣(⁣٢)، فبان بذلك أن قول القافة يوجب ضرباً من العلم، لولا ذلك لما كان لسرور رسول الله ÷ معنى، ولا يجوز أن يرى باطلاً ولا ينكره.

  قيل له: أما سرور رسول الله ÷ فلا يدل على أنه جعل قول مجزز محكوماً به على وجه من الوجوه، كيف وقد كانت بنوة أسامة من⁣(⁣٣) زيد قد ثبتت قبل ذلك؟ فإذا كان هذا هكذا فلا حجة للقوم فيه، ولا يلزمنا أن نعرف السبب الذي له سر رسول الله ÷، على أنه يحتمل أن يكون سروره لما وافق ظن مجزز الصواب، والإنسان قد يتعجب من مثله ويتبسم حتى يظهر أثر السرور على وجهه.


(١) في (أ): اشتركا في السبب الموجب. وفي (ج): اشتركا في الموجب للسبب.

(٢) أخرج نحوه البخاري (٤/ ١٨٩) ومسلم (٢/ ١٠٨١).

(٣) في المخطوطات: أسامة بن زيد. ولعل المثبت هو الصواب. ولفظ شرح معاني الآثار (٤/ ١٦١): لأن أسامة قد كان نسبه ثبت من زيد قبل ذلك.