شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب النكاح

صفحة 252 - الجزء 3

  على أنه لا يمتنع أن يكون سرور النبي ÷ لأمر سواه صادف تلك الحال.

  على أنه قد روي أن المنافقين كانوا يطعنون في نسب أسامة؛ لأن أسامة كان أسود، وكان زيد أبيض، وكانوا يعتبرون صحة ما يقوله القافة، فيجوز أن يكون النبي ÷ لما سمع تكذيب المنافقين من الجهة التي يعتقدون صحتها سر⁣(⁣١) به.

  فأما قولهم: لا يجوز أن يكون النبي ÷ يرى باطلاً فلا ينكره فهو كذلك، إلا أن قول مجزز: إن هذه الأقدام بعضها من بعض لم يكن باطلاً، بل كان حقاً فلم يجب أن ينكره النبي ÷، وإنما المنكر عندنا هو الحكم بقوله، فلا تعلق لهم بهذا الخبر على وجه من الوجوه.

  فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَٰهُ حُكْماً عَرَبِيّاٗۖ} وقد⁣(⁣٢) ثبت أنه لم يكن للعرب حكم اختصوا به غير حكم القافة، فثبت أنه هو المنزل.

  قيل له: ليس في الآية ما يدل على ما ذهبتم إليه؛ لأنه قد قيل: إن الكتابة كانت مما تختص به العرب، فيجوز أن يكون هو المراد، ويجوز أن يكون المراد بالحكم البيان، فكأنه سبحانه وتعالى قال: بياناً عربياً.

  فإن قيل: فقد روي عن عمر أنه رجع إلى القافة.

  قيل له: الأخبار في ذلك قد اختلفت، فقد روي أنه رجع إليه، ثم ألحق بأبويه⁣(⁣٣)، وهذا خلاف مذهب القائلين بالقافة⁣(⁣٤)، بل هو الذي نذهب إليه،


(١) في (أ، ج): فسر.

(٢) في (أ، ج): فقد.

(٣) في (أ، ج): بأبوين له.

(٤) قال في شرح معاني الآثار (٤/ ١٦٣): الذين يحكمون بقول القافة لا يحكمون بقولهم إذا قالوا: هو ابن هذين.