شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صفة الطلاق وتنوعه

صفحة 302 - الجزء 3

مسألة: [فيمن طلق زوجته ثلاثاً يراجع بين كل تطليقتين]

  قال: ولو أنه قال بعد الدخول: أنت طالق، ثم قال: راجعتك، ثم قال: أنت طالق، ثم قال: راجعتك، ثم قال: أنت طالق، وقعت ثلاث تطليقات، سواء قال ذلك في مجلس أو مجلسين أو أكثر من ذلك، ولا يكون مطلقاً على السنة، وإن أراد أن يطلق ثلاثاً على السنة أوقعها في ثلاثة أطهار من غير جماع فيها، ويراجع بين كل تطليقتين.

  ما ذكرناه أولاً من وقوع الثلاث على الحد الذي وصفناه منصوص عليه في المنتخب⁣(⁣١)، وما ذكرناه من وقوعها على [غير]⁣(⁣٢) السنة قد دل عليه كلامه في الأحكام⁣(⁣٣) حيث يقول: لمن طلق طلاق السنة لأجل الطويل، ويكون ذلك عوناً له على استدراك أمره، يعني الرجعة.

  قلنا: إن طلاق الثلاث يقع على ما بيناه أولاً؛ لأنا قد بينا أن الطلاق واقع على كل حال بعد أن تكون الزوجية الكاملة حاصلة، وأن وقوعه على خلاف السنة لا يؤثر فيه؛ لإجازة النبي ÷ طلاق ابن عمر، وهو إذا طلقها ثم راجعها عادت الزوجية كاملة كما كانت، فوجب أن يصح وقوع الطلاق الثاني، ثم كذلك الثالث.

  ويدل على ذلك: ما روي أن ابن عمر قال: قلت: يا رسول الله، أرأيت لو طلقتها ثلاثاً، قال: «كانت تبين، وكنت تعصي ربك»، فدل على أن الطلاق الثلاث يقع في حيضة واحدة، وإذا قد ثبت أن الطلاق لا يتبع الطلاق فلا بد من أن يكون وقوعها على ما قد بيناه من توسط الرجعة بين كل تطليقتين.


(١) المنتخب (٢٦٣).

(٢) ما بين المعقوفين من (أ).

(٣) الأحكام (١/ ٤٠٤). ولفظه: فلما أن كان لمن طلق طلاق السنة هذا الأجل الطويل وكان ذلك عوناً له على أمره، واستدراكاً لخطأ إن كان من فعله ... إلخ.