شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الطلاق

صفحة 316 - الجزء 3

  قيل له: الهزل لا يمنع القصد، فبطل تعلقهم بالخبر.

  ومما يدل على ذلك: أنه كلام يتعلق الحكم به بوقوعه على وجه دون وجه؛ إذ لا خلاف أن الحاكي والقارئ لكتاب الطلاق لا يلزمه الطلاق؛ فوجب أن⁣(⁣١) لا يحصل حكمه مع الإكراه قياساً على البيع والقول بأن الله ثالث ثلاثة، تعالى الله عن ذلك.

  ولا يلزم على ذلك حصول فساد صلاة من تكلم فيها مكرهاً؛ لأن ذلك الكلام يفسد الصلاة على أي وجه وقع. ولا يلزم عليه القتل والوطء؛ لأنهما ليسا بكلام، ومع ذلك فحكمهما مقصور على حدوثهما، وأما الأحكام التي لا تقصر على حدوثهما⁣(⁣٢) فإنها لا تحصل مع الإكراه، فبان به صحة ما اعتمدناه. والأصول كلها شاهدة لصحة قياسنا⁣(⁣٣) ومرجحة لها؛ إذ العقود كلها من الإجارات والهبات والرهون تستمر في ذلك، وكذلك سائر الأفعال التي تحصل أحكامها بوقوعها على بعض الوجوه تستوي فيها.

  وأيضاً لا خلاف⁣(⁣٤) أنه إذا أكره على الإقرار بالطلاق لم يقع الطلاق، فكذلك إذا أكره على إيقاعه، والمعنى أن معه أمارة فقد الرضا على لفظ ما لفظ فوجب أن لا يلزمه حكمه. ويمكن أن يقاس بهذه العلة⁣(⁣٥) على من أكره على اللفظ بالكفر، ويمكن أن يقاس المكره على الصبي والمجنون بعلة أن كل واحد منهم على حالة لا تصح معها عقوده من بيع أو إجارة أو نحوهما.

  فإن قيل: لسنا نسلم أن بيع المكره لا يقع، بل نقول: إنه موقوف.


(١) في المخطوطات: لا يلزمه الطلاق إذ لا يحصل. والمثبت من نسخة في (د) ونسختين.

(٢) في (أ، ج): حدوثها.

(٣) في المطبوع: قياساتنا.

(٤) في (أ، ج): أنه لا خلاف.

(٥) في (أ): أن يقاس هذه العلة.