شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الطلاق

صفحة 332 - الجزء 3

  فإن قيل: فإذا أجريتم ذلك مجرى قول القائل: أنت طالق إن دخل زيد الدار، وإن مطرت السماء - فيجب ألا توجبوا وقوع الطلاق إلا بعد أن تعلموا أن مشيئة الله تعالى قد حدثت بعد هذا القول، وذلك ما لا سبيل إلى العلم به، فيجب ألا يقع الطلاق.

  قيل له: هذه اللفظة من طريق العادة جارية مجرى أن يقول الإنسان: أنت طالق إن كان مراداً لله تعالى، وعلى هذه الطريقة يستعمل في سائر الأشياء؛ لأن الإنسان يقول: «أفعل كذا إن شاء الله تعالى» ويريد إن كان تكليفي أو لطفي⁣(⁣١) أو ما أحتاج إليه من القدرة والآلة وما جرى مجراها مراداً لله تعالى، من غير مراعاة تقدم الإرادة وتأخرها.

  فإن قيل: فقد روي عن النبي ÷ أنه قال: «من حلف ثم قال: إن شاء الله فقد استثنى»⁣(⁣٢).

  قيل له: هو دليلنا، وذلك أن من حكم الاستثناء أن يرفع بعض ما دخله دون كله، وعندهم أن قوله: «إن شاء الله» يرفع حكم ما دخل عليه رأساً، فلم يصح أن يكون ذلك استثناء، ألا ترى أنه لا خلاف فيمن قال: «لفلان علي عشرة دراهم إلا عشرة» أنه لا يكون استثناء؛ لأنه اقتضى رفع جميع ما دخل عليه؟ فأما على مذهبنا فإنه يكون قول القائل: «إن شاء الله» استثناء؛ لأنه⁣(⁣٣) يرفع بعض ما دخل عليه.

  وليس لأحد أن يدعي العرف⁣(⁣٤) في أنه جعل لرفع ما دخل عليه؛ لأن أغراض الناس في استعمالهم في الكلام تختلف.


(١) في (د): ولطفي.

(٢) أخرجه أبو داود (٢/ ٤٣٣) والترمذي (٣/ ١٦٠).

(٣) في (أ): لا أنه. وفي (ج، د): إلا أنه. ولعل ما أثبتناه الصواب.

(٤) في (أ): الفرق.