باب القول في الرجعة
  يمضي ما أوقعه من الشراء وبين أن يفسخه للعيب كان لا فصل بين أن يمضيه بقوله: «رضيت» وبين أن يستعمل المشترى، كنحو أن تكون جارية فيطأها، أو دابة فيركبها، أو ثوباً فيلبسه.
  وليس يعترض ما ذكرناه أن(١) المرتد لا يمكنه أن يزيل ما أوجب(٢) من الفرقة بالوطء، وذلك أنا شرطنا في علتنا أن يكون له الخيار(٣) بين أن يمضي ما أوقع وبين أن يرفعه، والمرتد لا يجوز أن يقال: له الخيار بين أن يمضي ما أوقعه وبين أن يرفعه؛ لأنه لا يجوز له إلا أن يسلم، ولأن الارتداد ليس هو أمراً يختص إيجاب الفرقة، وإنما الفرقة تدخل عليه على سبيل البيع.
  فإن قيل: ما أنكرتم على من قال لكم: إن وطء المطلق حرام وإن ادعيتم أن المراجعة تقع به، وليس كذلك سائر ما ذكرتم، فلا يجب أن يستوي الأمر فيها.
  قيل له: كون الوطء محرماً وإن سلمناه غير مؤثر في ذلك، ألا ترى أن البائع إذا وطئ في مدة الخيار فلا فرق بين أن يطأها حائضاً أو طاهراً، وكذلك المشتري إذا وطئ بعد علمه بالعيب فلا فصل بين أن يطأها حائضاً أو طاهراً؟ فدل ذلك على أن كون الوطء منهياً عنه لا يؤثر في ذلك.
  ومما يبين ما ذهبنا إليه أن المولي لما كان له الخيار بين أن يستمر على إيلائه حتى يلزمه الوقف وبين أن يرفع حكم الإيلاء فكان(٤) رفعه بالوطء جائزاً كما يجوز بالقول، فكل ذلك يوضح ما ذهبنا إليه، وكذلك من أوصى بعبده لغيره كان له الخيار في أن يرجع عنها بالقول أو بيع العبد أو هبته.
(١) في (أ): بأن.
(٢) في (ج): وجب.
(٣) في (أ): أن يكون بالخيار.
(٤) كذا في المخطوطات.