شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في العدة

صفحة 358 - الجزء 3

  فإن قيل: ما أنكرتم على من قال لكم: إنها تعتد بالشهور قياساً على الآيسة؛ لأن حيضها قد انقطع عن العادة؟

  قيل له: هذا منتقض بالتي انقطع حيضها ولم يمر عليها تسعة أشهر.

  على أن علتنا مستندة إلى النصوص، وتقتضي زيادة عبادة، وتقتضي الاحتياط والحظر.

مسألة: [في عدة المتوفى عنها]

  قال: وعدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشر، فإن كان زوجها غائباً اعتدت من يوم يبلغها نعيه.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب⁣(⁣١).

  أما ما قلناه من أن عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشر فمما لا خلاف فيه بين المسلمين، وقد نطق به القرآن، قال الله تعالى: {وَالذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَٰجاٗ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٖ وَعَشْراٗۖ}⁣[البقرة: ٢٣٤].

  وأما ما ذهبنا إليه من أنها تعتد من يوم يبلغها نعيه فقد ذهب عامة الفقهاء إلى خلافه، وقالوا: إنها تعتد من يوم وفاته، وروى هناد مثل قولنا عن الحسن⁣(⁣٢)، وحكاه ابن جرير في الاختلاف عن الحسن وقتادة وخلاس⁣(⁣٣)، وهو قول أمير المؤمنين علي #، رواه هناد، قال: حدثنا قبيصة، عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن خلاس، عن علي # قال: (تعتد المتوفى عنها زوجها من يوم يأتيها الخبر)، وروى أيضاً عن قبيصة، عن سفيان، عن أشعث بن سوار، عن الشعبي، عن علي # قال: (تعتد من يوم تبلغها وفاته).

  ويدل على ذلك قول الله تعالى: {وَالذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَٰجاٗ


(١) الأحكام (١/ ٤٢١) والمنتخب (٢٨٢).

(٢) ورواه عبدالرزاق في المصنف (٦/ ٣٢٨).

(٣) ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (٤/ ١٦٢).