باب القول في العدة
  فإن قيل: ما أنكرتم على من قال لكم: إنها تعتد بالشهور قياساً على الآيسة؛ لأن حيضها قد انقطع عن العادة؟
  قيل له: هذا منتقض بالتي انقطع حيضها ولم يمر عليها تسعة أشهر.
  على أن علتنا مستندة إلى النصوص، وتقتضي زيادة عبادة، وتقتضي الاحتياط والحظر.
مسألة: [في عدة المتوفى عنها]
  قال: وعدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشر، فإن كان زوجها غائباً اعتدت من يوم يبلغها نعيه.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب(١).
  أما ما قلناه من أن عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشر فمما لا خلاف فيه بين المسلمين، وقد نطق به القرآن، قال الله تعالى: {وَالذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَٰجاٗ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٖ وَعَشْراٗۖ}[البقرة: ٢٣٤].
  وأما ما ذهبنا إليه من أنها تعتد من يوم يبلغها نعيه فقد ذهب عامة الفقهاء إلى خلافه، وقالوا: إنها تعتد من يوم وفاته، وروى هناد مثل قولنا عن الحسن(٢)، وحكاه ابن جرير في الاختلاف عن الحسن وقتادة وخلاس(٣)، وهو قول أمير المؤمنين علي #، رواه هناد، قال: حدثنا قبيصة، عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن خلاس، عن علي # قال: (تعتد المتوفى عنها زوجها من يوم يأتيها الخبر)، وروى أيضاً عن قبيصة، عن سفيان، عن أشعث بن سوار، عن الشعبي، عن علي # قال: (تعتد من يوم تبلغها وفاته).
  ويدل على ذلك قول الله تعالى: {وَالذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَٰجاٗ
(١) الأحكام (١/ ٤٢١) والمنتخب (٢٨٢).
(٢) ورواه عبدالرزاق في المصنف (٦/ ٣٢٨).
(٣) ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (٤/ ١٦٢).