شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الطلاق

صفحة 363 - الجزء 3

  لا يجوز تأخير البيان؛ ولأنه جاز مع هذا القول تخصيصه، فلا وجه مع هذا القول لتخصيص المتقدم بالمتأخر إلا النسخ.

  فإن قيل: فقد روي أن سُبَيْعَة بنت الحارث الأسلمية وضعت بعد وفاة زوجها لبضع وعشرين ليلة⁣(⁣١)، وروي شهراً⁣(⁣٢)، وروي أربعين ليلة⁣(⁣٣)، فأذن رسول الله ÷ في أن تتزوج.

  قيل له: الكلام في هذا الخبر على وجهين:

  أحدهما: أنه متأخر عن قوله: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٖ وَعَشْراٗۖ}⁣[البقرة: ٢٣٤] وقد ثبت أن المخصص إذا تأخر اقتضى النسخ؛ إذ لا يجوز حمله على البيان؛ لأن تأخير البيان لا يجوز، وقد ثبت فساد القول به، وإذا ثبت أنه يقتضي النسخ فلا يجوز نسخ القرآن بخبر الواحد عند جميع الأمة، فوجب سقوطه.

  فإن قيل: ومن أين ثبت لكم تأخر حديث سبيعة عن قوله سبحانه: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٖ وَعَشْراٗۖ

  قيل له: لوجهين: أحدهما: ما روي من أن قوله تعالى: {وَالذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَٰجاٗ وَصِيَّةٞ لِّأَزْوَٰجِهِم مَّتَٰعاً إِلَي اَ۬لْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٖۖ}⁣[البقرة: ٢٤٠] نسخ بقوله تعالى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٖ وَعَشْراٗۖ} فلو كان حديث سبيعة متقدماً على الآية لكان هو الناسخ لآية الحول دون ما روي من تربص أربعة أشهر وعشر.

  والثاني: ما روي أن أبا السنابل بن بعكك أنكر على سبيعة، ولا يجوز أن ينكر إلا وقد عرف حكم الاعتداد قبل ذلك، وهذا يوجب أن الآية سابقة.

  والوجه الثاني من الكلام في الحديث: أنه متأول على أن زوجها كان أبت


(٢) أخرجه ابن ماجه (١/ ٦٥٣) والترمذي (٢/ ٤٨٩).

(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣/ ٥٥٤).

(٤) أخرجه البخاري (٦/ ١٥٥).