باب القول في الظهار
مسألة: [في أن الظهار بغير الأم لا يكون ظهاراً]
  قال: وإن ظاهر بغير الأم لم يكن ظهاراً، وكذلك لا يكون مظاهراً إن ظاهر من أمه من الرضاعة(١).
  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب(٢).
  والأصل فيما ذهبنا إليه: براءة الذمة، وأن وطء المرأة مباح فلا يحظر إلا بدلالة، وأنه لا سبيل إلى إثبات الكفارة إلا بدلالة شرعية. ومما يدل على ذلك أيضاً قول الله تعالى: {اِ۬لذِينَ يَظَّهَّرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَآئِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَٰتِهِمْۖ}[المجادلة: ٢] وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ أَزْوَٰجَكُمُ اُ۬لَّٰٓئِے تَظَّهَّرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَٰتِكُمْۖ}[الأحزاب: ٤].
  ووجه الاستدلال من الآيتين أن قوله تعالى: {اِ۬لذِينَ يَظَّهَّرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَآئِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَٰتِهِمْۖ}[المجادلة: ٢] تقديره: الذين يظاهرون منكم من نسائهم بأمهاتهم، وكذلك قوله ø: {وَمَا جَعَلَ أَزْوَٰجَكُمُ اُ۬لَّٰٓئِے تَظَّهَّرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَٰتِكُمْۖ} ألا ترى أن قائلاً لو قال: «اقطع السارق، فما كان له أن يهتك الحرز» جرى مجرى قوله: «اقطع السارق من حرز»، وكذلك لو قال: «اقتل الراجع عن دينه، فما كان له أن يرجع عن دين الإسلام» جرى مجرى قوله: «اقتل الراجع عن دين الإسلام» حتى يكون السكوت عن ذكر الحرز في القطع وذكر الإسلام في القتل كالنطق به لما تعقبهما من ذكر الحرز والإسلام، وكذلك قوله تعالى: {اِ۬لذِينَ يَظَّهَّرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَآئِهِم} السكوت عن ذكر الأمهات فيه كالنطق به لما تعقبه من ذكر الأمهات، وكذلك في قوله: {وَمَا جَعَلَ أَزْوَٰجَكُمُ اُ۬لَّٰٓئِے
(١) زاد في (أ) بعد هذا ما لفظه: وغيرها من ذوي محارمه لم يكن مظاهراً، وهو أحد قولي الشافعي، وقوله الأخير يصح بكل ذات محرم من نسب أو رضاع، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، والثوري، والأوزاعي، والحسن بن صخر. وعن مالك: يصح الظهار بالمحرم والأجنبية، وبه قال عثمان البتي.
(٢) الأحكام (١/ ٣٥٨) والمنتخب (١٦٧، ١٦٨).