باب القول في المياه
  «أنه نهى عن أن يُبال في الماء الراكد ثم يتوضأ فيه»(١).
  وأخبرنا أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا أبو جعفر الطحاوي، قال: حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن، قال: حدثنا أسد بن موسى، قال: حدثنا عبدالله بن لَهِيعة، قال: حدثنا عبدالرحمن الأعرج، قال: سمعت أبا هريرة يروي عن النبي ÷ أنه قال: «لا يبولَنَّ أحدكم في الماء [الدائم] الذي لا يجري ثم يغتسل فيه»(٢).
  فلما نهى النبي ÷ عن التوضؤ والاغتسال في الماء الراكد الذي قد بِيلَ فيه نهياً عاماً ولم يشترط التغَيُّر - ثبت ما ذهبنا إليه من أن الماء اليسير يتنجس بحلول النجاسة فيه وإن لم يتغير بها.
  فإن قيل: فإن ذلك يلزمكم في الكثير.
  قيل له: نخصه بالدليل، وسنبين الكلام فيه عند قولنا في الفرق بين الماء القليل والكثير.
  فإن ادعوا تخصيص ما ذكرنا بما أخبرنا به أبو الحسين علي بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين بن اليمان، قال: حدثنا أبو عبدالله محمد بن شجاع، قال: حدثنا أبو قَطَن، عن حمزة الزيات، عن أبي سفيان السعدي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، قال: انتهى النبي ÷ إلى غديرٍ فيه جيفة فقال: «اسقوا واستقوا؛ فإن الماء لا ينجسه شيء».
  وما أخبرنا به أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا أبو جعفر الطحاوي، قال: حدثنا محمد بن خزيمة، قال: حدثنا الحجاج بن المنهال، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عبيدالله بن عبدالرحمن عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله ÷ كان يتوضأ من بئر بضاعة، فقيل: يا رسول الله، إنه يُلقى فيها
(١) شرح معاني الآثار (١/ ١٥).
(٢) شرح معاني الآثار (١/ ١٥)، وفيه: ثم يغتسل منه.