كتاب الطهارة
  الجيف والمحائض(١)، فقال: «إن الماء لا ينجسه شيء»(٢).
  وما أخبرنا به أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا إبراهيم بن أبي داود الأسدي، قال: حدثنا أحمد بن خالد الوهبي، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن سَلِيط بن أيوب، عن عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع، عن أبي سعيد الخدري، قال: قيل يا رسول الله، إنه يستسقى لك من بئر بضاعة، وهي بئر تطرح فيها عذرةُ الناس ومحائضُ النساء ولحومُ الكلاب، فقال: «إن الماء طهور لا ينجسه شيء»(٣).
  الجواب: قيل له: هذه الأخبار وردت في المياه العظيمة، ونحن نذهب إلى أن مثل هذه المياه إذا سقطت فيها النجاسات لم تنجس إلا إذا تغير الماء بها، وقد روى قوم أن بئر بضاعة كانت طريق الماء إلى البساتين، ويحتمل أن تكون تلك البئر كانت لها عيون تغلب، ولا يمكن نزح ما فيها.
  فأما الغدير فلا يسمى مجمعاً للماء إلا إذا كان عظيماً وكان الماء كثيراً، ومثله عندنا لا ينجس إلا أن يتغير بالنجاسة.
  فليس في شيء من ذلك دليل على أن الماء اليسير لا ينجس بوقوع النجاسة فيه.
  فإن قيل: قوله ÷: «الماء لا ينجس»، و «لا ينجسه شيء» يحجكم، وليس لكم أن تقصروه على ما ورد فيه؛ لأن من مذهبكم أن اللفظ إذا ورد في سببٍ لم يقصر عليه، بل يكون عاماً.
  قيل له: نحن نجعل ذكر السبب الذي وردت هذه الظواهر فيه ترجيحاً لظواهرنا التي تعلقنا بها، فنجعلها أولى من الظواهر التي تعلقوا بها.
  فإن قيل: ليس لكم أن ترجحوا بالذكر، والخبر يعم النجس وغيره.
(١) المحائض: جمع محيضة، وهي خرقة الحيض. نهاية معنى.
(٢) شرح معاني الآثار (١/ ١١)، وفيه: إن الماء لا ينجس.
(٣) شرح معاني الآثار (١/ ١١)، وفيه: إنه يستقى.