باب القول في الإيلاء
مسألة(١): [في وقف المولي بعد مضي أربعة أشهر]
  والوقف: ما ذهبنا إليه من أن الإمام يقفه بعد مضي أربعة أشهر حتى يفيء أو يطلق، وهو المحفوظ عن علماء أهل البيت $، وبه قال مالك والشافعي، وهو قول أمير المؤمنين، رواه زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي $ أنه كان يوقف المولي بعد مضي أربعة أشهر فيقول: (إما أن تفيء وإما أن تطلق)(٢).
  قال أبو حنيفة: يقع الطلاق بمضي المدة، وروي ذلك عن ابن مسعود(٣).
  والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه قول الله تعالى: {لِّلذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٖۖ ...} الآية [البقرة: ٢٢٦].
  ووجه الاستدلال منه هو: أنه تعالى جعل لهم الفيء على الإطلاق، ولم يشترط لذلك قبل المدة ولا بعدها، فكان بعد المدة وقتاً له كما أن(٤) قبل المدة وقت له؛ بدلالة أنه يجوز أن يؤكد له ما قبل المدة كما يجوز أن يؤكد ما بعدها، ويجوز أن يستثنى ما بعد المدة كما يجوز أن يستثنى ما قبلها، فلما ثبت أن بعد المدة يمت إلى الفيء كما يمت قبل المدة علم أن الجميع وقت له، فإذا ثبت ذلك ثبت أن الطلاق لا يقع بانقضاء المدة؛ إذ وقوع الطلاق يمنع الفيء، فثبت بذلك ما ذهبنا إليه.
  فإن قيل: فلو صح الفيء بعد المدة كما يصح قبلها لم يكن لضرب المدة معنى.
  قيل له: يكون له معنى صحيح وفائدة ظاهرة، وذلك أن الفيء قبل المدة جائز غير واجب على الزوج، ولا يجوز أن يطالب به، وبعد المدة يصير خارجاً عن الجواز إلى الوجوب وتتوجه المطالبة به(٥) على الزوج، وهذا مثل أن يشتري
(١) في تعليق ابن أبي الفوارس: فصل.
(٢) مجموع الإمام زيد بن علي # (٢٢٦).
(٣) مصنف عبدالرزاق (٦/ ٤٥٥).
(٤) في المخطوطات: أنه.
(٥) «به» ساقط من (أ، د).