شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في المياه

صفحة 177 - الجزء 1

  قيل له: ذلك غير واجب⁣(⁣١)، وذلك أن اللبن لا ينجس ما ماسه من العضو وغيره، فلهذا جاز استعمال الماء الذي يقع فيه يسير من المخلل، وليس كذلك النجس، فوجب الفرق بينهما لذلك.

المسألة الثانية: [حكم الماء إذا تغير بطاهر]

  إذا وقع في الماء طاهر كاللبن والمرق ونحوهما حتى تغير⁣(⁣٢) لذلك لونه أو طعمه أو ريحه لم يجز التطهر به، والذي خالفنا في هذه أبو حنيفة وأصحابه، فإنهم يذهبون إلى أن الماء إذا كان هو الغالب فإنه يجوز التطهر به وإن تغير.

  والوجه لصحة ما ذهبنا⁣(⁣٣) إليه أنه لا خلاف في أنه لا يجوز التطهر بماء الباقلاء والمرق ونبيذ الزبيب ونحو ذلك، وكانت العلة فيه أنه ماء تغير بمخالطة ما لا يجوز التطهر به على وجهٍ من الوجوه، فكذلك الماء الذي تغير لونه أو طعمه أو ريحه لمخالطة اللبن ونحوه، ويبين صحة هذه العلة وجود الحكم بوجودها وعدمه بعدمها، وذلك أن الماء لو لم يتغير بما خالطه من الطاهر لجاز التطهر به، وكذلك إذا تغير بما يجوز التطهر به على بعض الوجوه - وهو الطين - جاز التطهر به، وإذا حصل له الوصفان لم يجز التطهر به، فعلم أنها علة الحكم.

  فإن استدل المخالفون⁣(⁣٤) بقول الله سبحانه وتعالى: {فَلَمۡ تَجِدُواْ مَآءٗ فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدٗا طَيِّبٗا}⁣[النساء: ٤٣]، وقالوا⁣(⁣٥): من وجد الماء المتغير فقد وجد الماء، وبقوله تعالى: {وَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ طَهُورٗا ٤٨}⁣[الفرقان] - كان لنا عنه جوابان:

  أحدهما: أن اسم الماء المطلق يزول عند التغير، بل يصير مضافاً إلى ما تغير به.


(١) أي: لا يسلم العموم في الخبر للنجس وغيره للفرق بينهما. (من هامش أ).

(٢) في (أ): يتغير.

(٣) في (أ): نذهب.

(٤) في (أ): المخالف.

(٥) في نسخة في هامش (أ): وقال.