شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الإيلاء

صفحة 412 - الجزء 3

مسألة: [في حلف الرجل أن لا يجامع امرأته من غير ذكر المدة]

  قال: وإذا حلف الرجل أنه لا يجامع امرأته ولم يذكر المدة كان ذلك إيلاء.

  وهذا مما رواه يحيى # في الأحكام⁣(⁣١) عن القاسم #، ودل عليه بقوله فيه: «الإيلاء أن يحلف على أربعة أشهر فما فوقها» مع تنصيصه على أن إطلاق اليمين يقتضي التأبيد، فالمطلق ليمين الإيلاء مول للتأبيد، فهو مول لأكثر من أربعة أشهر.

  وقال في المنتخب⁣(⁣٢): إنه إذا أطلق اليمين لم يكن مولياً.

  وكان أبو العباس الحسني ¥ ينصر رواية المنتخب، ويحمل عليه ما في الأحكام، والصحيح عندي ما ذكره أولاً، وهو المحفوظ عن الفقهاء؛ لأن الله تعالى قال: {لِّلذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٖۖ}⁣[البقرة: ٢٢٦] فوجب أن يكون ذلك حكم كل مول إلا ما منع منه الدليل، فلما ثبت بالإجماع أن⁣(⁣٣) المولي على أقل من أربعة أشهر لا يكون مولياً خصصناه، وبقينا ما عداه على حكم الظاهر.

  والمخالف في هذا لا يجد بداً من أن يقدر في الآية ما ليس فيها، وهو أن يقول: تقديرها: للذين يؤلون من نسائهم أربعة أشهر تربص أربعة أشهر، وهذا خلاف الظاهر.

  على أن من يخالف في هذا لا ينكر أن يكون مولياً إذا حلف على أربعة أشهر فما فوقها، فكذلك من أطلق الإيلاء، والعلة أن يمينه تناولت أربعة أشهر فما فوقها.

  ووجه رواية المنتخب: أن الإيلاء معتبر فيه اللفظ، فيمين المطلق للإيلاء وإن تناولت أربعة أشهر فما فوقها واقتضت التأبيد فإنه غير ملفوظ به، فوجب ألا يقع الإيلاء. ويمكنه أن يقيس ذلك على من آلى دون أربعة أشهر بعلة أنه لم يذكر في الإيلاء أربعة أشهر فما فوقها [فإن حلف على ما دون ذلك لم يكن مولياً]⁣(⁣٤).


(١) الأحكام (١/ ٣٨٨).

(٢) المنتخب (٢٨٤).

(٣) في (أ): بأن.

(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ج) والظاهر أنه من المسألة الآتية، وسيأتي فيها بلفظه.