باب القول في الإيلاء
مسألة: [في أن من حلف على دون أربعة أشهر لم يكن مولياً]
  قال: ولا إيلاء إلا أن يحلف على أربعة أشهر فما فوقها، فإن حلف على ما دون ذلك لم يكن مولياً.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب(١)، وقد بينا فيما مضى أن الرجل إذا حلف على أربعة أشهر فما فوقها يكون مولياً، والمحفوظ عن العلماء أجمع أنه لا إيلاء في أقل من أربعة أشهر، وحكي عن قوم من المتقدمين أنهم جعلوه إيلاء(٢)، والإجماع الحاصل بعدهم يسقط ذلك القول. على أنه روى زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي $ الحديث الذي بينا أنه قال: (إذا كان دون أربعة أشهر فليس بمول) وروي عن ابن عباس أنه قال: «كان إيلاء الجاهلية السنة والسنتين، فوقت الله تبارك وتعالى أربعة أشهر، فمن كان إيلاؤه دون ذلك فليس بإيلاء»(٣).
  وإذا ثبت ذلك عن أمير المؤمنين # وابن عباس ¥ ولم يرو خلافه عن غيرهما من الصحابة جرى مجرى الإجماع منهم، على أن ما ثبت عن علي # فمن أصلنا أنه لا يجوز خلافه. على أنه قد ثبت أنه لا يلزمه حكم الإيلاء من الوقوف أو الطلاق على حسب الاختلاف فيه إذا حلف على أقل من أربعة أشهر عند انقضاء مدة اليمين ولا قبلها، فوجب ألا يلزمه بعدها؛ دليله لو حلف أن يضارها أو يسيء(٤) عشرتها مدة من الزمان، ألا ترى أنه لما لم يلزمه حكم الإيلاء عند انقضاء مدة يمينه هذه ولا قبلها لم يلزمه بعدها؟
(١) الأحكام (١/ ٣٨٨) والمنتخب (٢٨٤).
(٢) انظر مصنف عبدالرزاق (٦/ ٤٥٠) ومصنف ابن أبي شيبة (٤/ ١٣٠، ١٣١).
(٣) رواه البيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٦٢٥) والطبراني في الكبير (١١/ ١٥٨، ١٥٩).
(٤) في (د): ويسيء.