باب القول في المياه
  والثاني: أنا نخص ذلك بالقياس الذي ذكرناه.
  فإن عارضوا قياسنا بقياسهم الذي(١) اختلفنا فيه على الماء الذي خالطه شيء من الطين - كان قياسنا مرجحاً على قياسهم بكثرة الأصول، وبالحظر، وبالنقل.
  فإن راموا ترجيح علتهم بشهادة الأصول وقالوا: قد ثبت في الأصول أن الحكم للغالب، وهاهنا الغالب هو الماء - لم يصح ذلك؛ لأن الأصول تختلف في ذلك، ألا ترى أن ماء الباقلاء والصابون وغيرهما أن الغلبة للماء ومع هذا لا يجوز التطهر به؟ فكذلك الماء الذي يقع فيه يسير النجس، هذا إن أريد بالغلبة الكثرة، فأما إن أرادوا(٢) غيرها لم يسلم(٣) الوصف لهم.
فصل: [في المنع من الوضوء بالنبيذ]
  الذي يقتضي قول الهادي # هو المنع من الوضوء بنبيذ التمر(٤)، وقد نص عليه القاسم # في مسائل النيروسي، وما استدللنا به على أن الماء إذا تغير بالمرق أو اللبن لم يجز التوضؤ به يدل على أنه لا يجوز الوضوء بنبيذ التمر، ويمكن أن يقاس حاله إذا لم يوجد الماء على حاله إذا وجد؛ لأن أبا حنيفة وأصحابه لا يخالفون في أن التطهر به لا يجوز مع وجود الماء.
  ويمكن أيضاً أن يقاس على سائر الأنبذة؛ إذ لا يخالفون في أن التوضؤ بها لا يجوز، إلا ما يحكى عن الأوزاعي أنه كان يجيز التوضؤ بسائر الأنبذة، على أنه لا وجه لمقايستهم في هذه المسألة، فإنهم لا ينكرون أن القياس يمنع منه، لكنهم ادعوا أنهم تركوا القياس للأثر.
  واستدلوا بما روي عن أبي فَزَارَة، عن أبي زيد، عن عبدالله بن مسعود، أن
(١) في (أ): الذي ما اختلفنا.
(٢) في نسخة في (أ): أريد.
(٣) في (د): نسلم.
(٤) في (د): الذي يقتضي قول الهادي # في الوضوء هو المنع بنبيذ التمر.