شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في اللعان

صفحة 415 - الجزء 3

  نزلت هذه الآية {وَالذِينَ يَرْمُونَ اَ۬لْمُحْصَنَٰتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ}⁣[النور: ٤] قال عاصم بن عدي: أرأيت يا رسول الله لو وجدت رجلاً على بطن امرأتي فقلت لها: يا زانية أتجلدني ثمانين جلدة؟ قال: «كذلك يا عاصم نزلت الآية» فخرج سامعاً مطيعاً، فلم يصل إلى منزله حتى استقبله هلال بن أمية - وكان زوج ابنته خولة بنت عاصم - [يسترجع، فقال: ما وراءك؟]⁣(⁣١) فقال: الشر، قال: وما ذاك؟ قال: رأيت شريك بن سحماء على بطن امرأتي خولة يزني بها، فرجعا إلى النبي ÷ فأخبره هلال بالذي كان، فبعث إليها فقال: «ما يقول زوجك؟» فأنكرت ذلك، فأنزل الله تعالى آية اللعان: {وَالذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَٰجَهُمْ ...} الآية، فأقامه النبي ÷ بعد العصر على يمين المنبر فقال: «يا هلال، ائت بالشهادة» ففعل حتى قال: «أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين» فقالت: يا رسول الله، كذب؛ فأقامها مقامه فقالت: «أشهد بالله ما أنا بزانية، وإنه لمن الكاذبين» حتى قالت: «والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين» ففرق بينهما النبي ÷ وقال: «لا تجتمعان إلى يوم القيامة» وقال ÷: «إن وضعت ما في بطنها على صفة كذا وكذا فالولد لزوجها، وإن وضعته على صفة كذا فهو لشريك بن سحماء وقد صدق زوجها» فلما وضعت قال ÷: «لولا كتاب من الله سبق لكان لي فيها رأي» قالوا: يا رسول الله، وما الرأي؟ قال: «الرجم بالحجارة».

  فدل الخبر على أن اللعان نزل لرفع الجلد عن الأزواج إذا رموا نساءهم، فوجب أن يكون من لا حد عليه إذا رمى زوجته لم يكن بينهما لعان.

  ويدل على ذلك: ما روي عن علقمة عن عبدالله أن رجلاً من الأنصار أتى رسول الله ÷ قال: لو أن رجلاً وجد مع امرأته رجلاً فتكلم به جلدتموه، أو


(١) ما بين المعقوفين من الكشاف (٣/ ٢١٦) والوسيط للواحدي (٣/ ٣٠٦)، وفي هامش (د): لعل هنا ساقطاً، وهو: ما وراءك أو نحوه.