باب القول في اللعان
  فإن قيل: هو قذف معلق بشرط، فلا يجب أن يتعلق به حكم.
  قيل له: ليس الأمر فيه كذلك؛ لأنه نفى الولد نفياً مطلقاً، فكان ذلك قذفاً مطلقاً متى كان هناك ولد منفي على التحقيق.
  وقلنا: إن ذلك يلزم إذا لم يكن أربعة يشهدون على لفظه لقوله تعالى: {وَالذِينَ يَرْمُونَ اَ۬لْمُحْصَنَٰتِ ...} الآية [النور: ٤] فأوجب الحد بشرط ألا يكون له أربعة يشهدون، واللعان على ما بيناه قائم مقام البينة، فوجب الأخذ(١) به إذا لم تكن بينة. وبينة القذف شهادة أربعة؛ لما روي أن هلال بن أمية لما قذف زوجته قال له النبي ÷: «بينتك أو جلد في ظهرك» وبينة الزنا إذا أطلقت عقل منها أربعة بعرف الشرع، فكأنه قال: أربعة يشهدون أو جلد في ظهرك.
مسألة: [في نكول أحد الزوجين عن اللعان]
  قال: فحينئذٍ يحضرهما الحاكم ثم يقول: خافا ربكما ولا تقدما على اللعان، فإن نكل الزوج ضرب حد القاذف(٢) ثمانين جلدة، وألحق الولد به، وإن مضى الرجل على اللعان ونكلت المرأة رجمت.
  وجميع ذلك منصوص عليه في الأحكام والمنتخب(٣)، غير إلحاق الولد فإنه منصوص عليه في المنتخب.
  قلنا: إن الإمام يعظهما لما روي أن النبي ÷ قال لهما: «إن الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟» وقال للزوج: «اتق الله تعالى» وكذلك قال للمرأة، حتى قال لها: «إن كنت أذنبت ذنباً في الدنيا فإن رجمك بالحجارة أهون عليك من غضب الله تعالى في الآخرة» ولأن ذلك من جملة النهي عن المنكر، ومن جملة النصح.
(١) في (ج): أن لا حد.
(٢) في (ج، د): القذف.
(٣) الأحكام (١/ ٤١٩) والمنتخب (٢٨٨).