شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في اللعان

صفحة 421 - الجزء 3

  وما قلناه من إلحاق الولد إن نكل الزوج عن اللعان فمما لا خلاف فيه، ولأن الولد ينتفي باللعان، فإذا لم يقع اللعان بقي على حكم الفراش.

  وما ذهبنا إليه من أن من نكل منهما عن اللعان أقيم عليه الحد به⁣(⁣١) قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: يحبس الناكل حتى يقر فيقام عليه الحد، أو يلاعن.

  والدليل على صحة ما ذهبنا إليه: قول الله تعالى: {وَالذِينَ يَرْمُونَ اَ۬لْمُحْصَنَٰتِ ...} الآية [النور: ٤] فكان ذلك عاماً في الأزواج وغيرهم.

  فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {وَالذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَٰجَهُمْ ...} الآية [النور: ٦] فاستأنف حكم الأزواج، فلم يجب أن تكون الآية الأولى متناولة للأزواج.

  قيل له: الآية الثانية جعلت للأزواج حجة خصتهم بها، ولم يمتنع أن تكون الآية الأولى متناولة لهم، فإذا قذف الرجل زوجته ولم يأت بواحدة من الحجتين - البينة التي دلت عليها الآية الأولى، أو اللعان⁣(⁣٢) الذي دلت عليه الآية الثانية - لزمه الحد بقضية الآية الأولى.

  فإن قال قائل: قذف الرجل زوجته أوجب لها عليه حق اللعان كما أوجب الجلد في الأجنبية، وإذا لم يأت به أجبر عليه بالحبس كسائر الحقوق لها⁣(⁣٣).

  قيل له: هذا غلط، وذلك أن قذف الزوج عندنا أوجب الحد كما أوجبه قذف الأجنبي، وإنما ينفصل حال الزوج عن الأجنبي فيما يدليان به من الحجة، فجعل للأجنبي إذا قذف أجنبية وأنكرت المقذوفة حجة واحدة، وهي أربعة يشهدون، وجعل للزوج إذا قذف زوجته حجتان: شهادة أربعة، أو لعان يأتي به، فأما موجب القذف فلا فصل فيه بينهما.

  ويدل على ذلك: حديث ابن عباس الذي ذكرناه بإسناده قال: لما نزلت هذه


(١) في (ج، د): وبه.

(٢) في (د): واللعان.

(٣) «لها» ساقط من (ج، د).