شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الظهار

صفحة 422 - الجزء 3

  الآية: {وَالذِينَ يَرْمُونَ اَ۬لْمُحْصَنَٰتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ}⁣[النور: ٤] قال عاصم بن عدي: أرأيت يا رسول الله لو وجدت رجلاً على بطن امرأتي فقلت لها: يا زانية أتجلدني ثمانين جلدة؟ قال: «كذلك يا عاصم نزلت».

  فدل ذلك على أن قذف الزوجة كقذف الأجنبية في إيجاب الحد.

  ويدل على ذلك ما روي أن رجلاً من الأنصار أتى النبي ÷ فقال: لو أن رجلاً وجد مع امرأته رجلاً فتكلم به جلدتموه، أو قتل قتلتموه، أو سكت سكت على غيض، فقال ÷: «اللهم افتح» فجعل يدعو، فنزلت آية اللعان. فمقارة النبي ÷ له على قوله: «فتكلم جلدتموه» دليل على صحة ما قلناه، وكذلك ما روي عن عكرمة عن ابن عباس أن هلال بن أمية لما قذف زوجته عند النبي ÷ قال له: «البينة، أو جلد في ظهرك».

  فإن قيل: فكل ذلك قد ورد الأثر به، فقد تغير حكمه⁣(⁣١).

  قيل له: لم يتغير موجب القذف، وإنما تغير حكم البينة، فإنه حصل للزوج اللعان بدل إقامة الشهادة على ما سلف القول فيه.

  ويدل على ذلك أيضاً: أنه لا خلاف في الأجنبي إذا قذف أجنبية ثم لم يأت بحجة أنه يلزمه الحد، فكذلك الزوج إذا قذف زوجته، والعلة أنه قاذف لم يأت بحجة فوجب أن يكون حكمه حكم الأجنبي. والأصول تشهد بصحة قولنا، وذلك أنه لا وجه⁣(⁣٢) لأن يكون للإنسان حق المطالبة بما يدخل الضرر على نفسه⁣(⁣٣)، ألا ترى أنه إذا لاعنها حقق عليها الزنا؟


(١) في (أ، ج): قد ورد الأثر بأنه قد تغير حكمه.

(٢) في تعليق ابن أبي الفوارس ما لفظه: وقولهم: إن لها حق المطالبة باللعان لا يصح؛ لأنه يؤدي إلى خلاف ما في الأصول؛ لأنه لا يصح أن يكون للإنسان حق المطالبة فيما يلحقه به ضرر، ومطالبتها باللعان تؤدي إلى ذلك.

(٣) في (د): نفسها. وفيها: «نفسه» نسخة.