شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الظهار

صفحة 423 - الجزء 3

  وأما ما يدل على أن المرأة إذا نكلت عن اللعان بعد لعان الزوج يلزمها الحد [فذلك] قول الله تعالى: {وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا اَ۬لْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَٰدَٰتِۢ بِاللَّهِ إِنَّهُۥ لَمِنَ اَ۬لْكَٰذِبِينَ ٨} الآية [النور] فدل ذلك على أنها يدرأ عنها العذاب بما تأتي به من الالتعان⁣(⁣١)، فثبت بذلك أن العذاب لازم لها متى لم تلاعن، وهو الحد، ألا ترى أن قوله ÷: «ادرءوا الحدود بالشبهات» دال على أن الحد يجب متى لم يكن شبهة توجب أن يدرأ بحيث يكون للشبهة مساغ للدرء؟ فإذا ثبت أن اللعان يوجب درء العذاب عنها لزمها العذاب متى لم تلاعن.

  فإن قيل: ومن أين لكم أن المراد بالعذاب هاهنا هو الحد، وما تنكرون على من قال لكم: إن المراد به هو الحبس؟

  قيل له: قلنا ذلك لأن المعهود أولى أن يحمل عليه الخطاب مما لم يكن له عهد، ولم يتقدم في شيء من هذه الآيات إطلاق لفظ العذاب والمراد به الحبس، وقد تقدم إطلاق اللفظ به والمراد به الحد، وهو قوله: {اَ۬لزَّانِيَةُ وَالزَّانِے فَاجْلِدُواْ كُلَّ وَٰحِدٖ مِّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٖۖ} إلى قوله: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٞ مِّنَ اَ۬لْمُؤْمِنِينَۖ ٢}⁣[النور] فكان حمل قوله تعالى: {وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا اَ۬لْعَذَابَ} على ما تقدم ذكره أولى من حمله على ما لم يتقدم ذكره، وقد قال الله تعالى في موضع آخر: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَٰحِشَةٖ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَي اَ۬لْمُحْصَنَٰتِ مِنَ اَ۬لْعَذَابِۖ}⁣[النساء: ٢٥] فسمى الحد عذاباً، فأكد ذلك ما ذهبنا إليه.

  ويدل على ذلك: ما روي أن النبي ÷ لاعن بين هلال بن أمية وزوجته خولة بنت عاصم بن عدي فوضعت على الصفة المنكرة، فقال ÷: «لولا كتاب من الله سبق لكان لي فيها⁣(⁣٢) رأي» قيل: وما الرأي؟ قال: «الرجم بالحجارة» وفي بعض الأخبار: «لولا الأيمان»، وفي بعضها: «لولا الحد»


(١) في (د): اللعان.

(٢) في المخطوطات: فيهما.