شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في نفقة الزوجات

صفحة 447 - الجزء 3

  وهذا منصوص عليه في المنتخب⁣(⁣١).

  ووجه قولنا: إن الزوج إن ماطل حبس لها لأن⁣(⁣٢) وجوب النفقة قد ثبت وجرى مجرى سائر الديون، فقلنا: إن الزوج متى امتنع من توفيتها حبس كما يحبس إذا امتنع من توفية سائر الديون التي عليه.

  وقلنا: إن المرأة لا تحبس عنه إذا كان في الحبس موضع مستور عن الناس لأنها لو امتنعت من غير عذر كانت ناشزة، والنشوز معصية، وهو أيضاً يسقط ما بعد ذلك من نفقتها، فأما ما وجب من النفقة قبل ذلك فلا يسقطه النشوز الواقع من بعد.

  فأما إن لم يكن في الحبس موضع على ما ذكرناه جاز لها أن تمتنع من حضوره؛ لأنها ممتنعة بحق، كما تمتنع منه إذا كانت محرمة، أو امتنعت من تسليم نفسها لاستيفاء مهرها، ولم يجب أن تسقط نفقتها فيما بعد أيضاً؛ لأنها ليست ناشزة، بل هي ممتنعة بحق على ما مضى القول فيه وفي نظائره من المسائل.

مسألة: [في وجوب النفقة والسكنى للمعتدة عن طلاق رجعي]

  قال: وإذا طلق الرجل زوجته وجب عليه نفقتها ما دامت في عدته، تطاول زمان العدة أم تقاصر، فإن كانت التطليقة رجعية وجب لها السكنى مع النفقة.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب⁣(⁣٣).

  والأصل في إيجاب السكنى والنفقة للمعتدة قول الله تعالى بعد ذكر الطلاق ووصف أحوال العدة: {۞أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّنْ وُّجْدِكُمْ ...} الآية [الطلاق: ٦]. على أن الجملة التي ذكرنا مما لا خلاف فيه، والمطلقة الرجعية لم يختلف المسلمون في أن لها السكنى والنفقة، وإنما الخلاف في غير ذلك مما نبين تفاصيله بعون الله تعالى، ولا خلاف أيضاً أن طويل المدة في العدة كقصيرها.


(١) المنتخب (٥٧٣).

(٢) كذا في المخطوطات.

(٣) الأحكام (١/ ٤٣٣) والمنتخب (٢٦٤).