شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب النفقات

صفحة 452 - الجزء 3

  فاطمة بنت قيس بالمدينة فسألتها عن قضاء رسول الله ÷ عليها، فقالت: طلقني زوجي البتة؛ فخاصمته إلى رسول الله ÷ في السكنى والنفقة، فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة، وأمرني أن أعتد في بيت ابن أم مكتوم. وقال مجالد في حديثه: «يا ابنة قيس، إنما السكنى والنفقة على من⁣(⁣١) كانت له الرجعة»⁣(⁣٢).

  فقولها: لم يجعل لي سكنى دليل على أن المبتوتة لا سكنى لها، وكذلك ما رواه مجالد عنها أنه ÷ قال: «يا ابنة قيس، إنما السكنى والنفقة على من⁣(⁣٣) كانت له الرجعة» نص فيما نذهب إليه، و كذلك قول عبدالحميد بن عبدالله بن أبي عمرو بن حفص: إن النبي ÷ قال لفاطمة بنت قيس: «ليس لك نفقة ولا سكنى، ولكن متاع بالمعروف» دليل على صحة ما نذهب إليه من أنها لا سكنى لها.

  فإن قيل: فإن عمر أنكر هذا الحديث⁣(⁣٤)، ومن شرط قبول خبر الواحد ألا يكون للسلف نكير فيه.

  قيل له: ليس الأمر على ما ذكرت، بل يجب للمنكر أن يذكر للإنكار وجهاً يجوز أن ينكر من أجله، وعمر لم يزد على أن قال: «لا نقبل خبر امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت» في بعض الأخبار، وفي بعضها: «أم سهت»، وهذا لا يجوز أن يكون وجهاً للإنكار، ألا ترى أنا لو جعلنا ذلك وجهاً للإنكار لوجب أن ننكر جميع أخبار الآحاد؛ لأن كل خبر الواحد يجوز على راويه⁣(⁣٥) الكذب والسهو، ولا ندري أصدق أم لا؟ فلما كان هذا هكذا لم يكن ذلك وجهاً ينكر من أجله خبر الواحد، فوجب أن يسقط إنكار عمر له.


(١) في (أ، ج): لمن.

(٢) شرح معاني الآثار (٣/ ٦٤).

(٣) في (أ، ج): لمن.

(٤) رواه مسلم (٢/ ٢١١٨) والترمذي (٢/ ٤٧٥).

(٥) في (ج، د): رواته.