كتاب النفقات
  فاطمة بنت قيس بالمدينة فسألتها عن قضاء رسول الله ÷ عليها، فقالت: طلقني زوجي البتة؛ فخاصمته إلى رسول الله ÷ في السكنى والنفقة، فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة، وأمرني أن أعتد في بيت ابن أم مكتوم. وقال مجالد في حديثه: «يا ابنة قيس، إنما السكنى والنفقة على من(١) كانت له الرجعة»(٢).
  فقولها: لم يجعل لي سكنى دليل على أن المبتوتة لا سكنى لها، وكذلك ما رواه مجالد عنها أنه ÷ قال: «يا ابنة قيس، إنما السكنى والنفقة على من(٣) كانت له الرجعة» نص فيما نذهب إليه، و كذلك قول عبدالحميد بن عبدالله بن أبي عمرو بن حفص: إن النبي ÷ قال لفاطمة بنت قيس: «ليس لك نفقة ولا سكنى، ولكن متاع بالمعروف» دليل على صحة ما نذهب إليه من أنها لا سكنى لها.
  فإن قيل: فإن عمر أنكر هذا الحديث(٤)، ومن شرط قبول خبر الواحد ألا يكون للسلف نكير فيه.
  قيل له: ليس الأمر على ما ذكرت، بل يجب للمنكر أن يذكر للإنكار وجهاً يجوز أن ينكر من أجله، وعمر لم يزد على أن قال: «لا نقبل خبر امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت» في بعض الأخبار، وفي بعضها: «أم سهت»، وهذا لا يجوز أن يكون وجهاً للإنكار، ألا ترى أنا لو جعلنا ذلك وجهاً للإنكار لوجب أن ننكر جميع أخبار الآحاد؛ لأن كل خبر الواحد يجوز على راويه(٥) الكذب والسهو، ولا ندري أصدق أم لا؟ فلما كان هذا هكذا لم يكن ذلك وجهاً ينكر من أجله خبر الواحد، فوجب أن يسقط إنكار عمر له.
(١) في (أ، ج): لمن.
(٢) شرح معاني الآثار (٣/ ٦٤).
(٣) في (أ، ج): لمن.
(٤) رواه مسلم (٢/ ٢١١٨) والترمذي (٢/ ٤٧٥).
(٥) في (ج، د): رواته.