كتاب النفقات
  فإن قيل: فإنه قال: «لا نقبل على كتاب ربنا وسنة نبينا ÷ خبر امرأة لا ندري أصدقت أم لا»، فبين أنها اعترضت بخبرها على كتاب الله وسنة نبيه ÷، فوجب أن يسقط خبرها.
  قيل له: الاعتراض على وجهين:
  أحدهما: أن يعترضه اعتراض المخصص، فهذا جائز غير ممتنع؛ لأن عمومات القرآن قد تخصص بخبر الواحد.
  و [الثاني]: قد يعترض اعتراضاً يوجب رفع حكمه رأساً، وهذا مما لا يجوز، ولم يثبت في كتاب الله تعالى ولا سنة رسوله لفظ لا يحتمل التأويل ويكون خبر فاطمة بنت قيس يوجب رفع حكمه رأساً، فسقط هذا الاعتراض.
  على أن عمر بين أنه رد خبرها لأنه لا يدري أصدقت أم كذبت، فلو كان رده له لأنه رافع لحكم الكتاب والسنة رأساً لم يقل ذلك، فإن ما يجري هذا المجرى لا يقبل وإن ورد من جهة من يطلق فيه(١) أنه ثقة عدل.
  فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {وَأَحْصُواْ اُ۬لْعِدَّةَۖ} ثم قال: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنۢ بِيُوتِهِنَّ}[الطلاق: ١] وقال أيضاً بعد ذكره سبحانه أحكام(٢) العدة: {۞أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّنْ وُّجْدِكُمْ}[الطلاق: ٦] فكانت الآيتان عامتين في البائنة وغير البائنة في إيجاب السكنى لها.
  قيل له: لو ثبت ما ادعيتم من عموم الآيتين لوجب أن تكونا مخصوصتين بما رويناه عن فاطمة عن النبي ÷، وعن عبدالحميد بن عبدالله عن النبي ÷ في شأنها على ما بيناه. على أن في كل واحدة من الآيتين ما يدل على أنها خاصة في المعتدة من الطلاق الرجعي، ألا ترى أنه قال بعد قوله تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنۢ بِيُوتِهِنَّ}: {لَعَلَّ اَ۬للَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْراٗۖ ١} وقد روي في
(١) «فيه» ساقط من (أ، ج).
(٢) في (ج): بعد ذكره سائر أحكام العدة.