كتاب النفقات
  التفسير أن ذلك الأمر هو الرجعة، فدل ذلك على أن الآية فيمن طلقت تطليقة رجعية. على أنه ليس هناك أمر يتعلق بالعدة ينتظر حدوثه سوى الرجعة، فوجب أن تكون هي المراد.
  فإن قيل: الرجعة هي فعل المراجع، فكيف يجوز أن يحدثه الله تعالى؟
  قيل له: المراد به أن الله تعالى يحدث ما يدعو إليها من الأسباب الداعية.
  وأما ما يدل على أن قوله سبحانه: {۞أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّنْ وُّجْدِكُمْ} ومعناه حيث سكنتم، و «من» هاهنا صلة، وقد علمنا أن المطلق لا يجوز له مساكنة المطلقة إلا أن تكون التطليقة رجعية، فأما البائن فلا يجوز له مساكنتها؛ لأنها في حكم الأجانب، ألا ترى أنها لا تستباح إلا بعقد جديد؟ وإذا ثبت ذلك بان أن الآية واردة في المعتدات من الطلاق الرجعي.
  ويدل على ذلك: أنها ممن لم يبق لمطلقها عليها حق الاستمتاع، فوجب ألا يجب عليه لها السكنى؛ دليله إذا خرجت من عدتها. ويكشف أن السكنى تتعلق(١) بحق استمتاع الزوج وأنها ليست كالنفقة أن المرأة لو أبرأته من السكنى كان لزوجها أن يطالبها بأن تسكن حيث يسكنها، وليس لها أن تجعل سكناها لغيرها، والنفقة لو أبرأته المرأة منها لم يكن له أن يطالبها بالاستنفاق من نفقته، وكذلك إذا قبضت نفقتها فلها أن تهبها من شاءت، وتتصرف فيها كيف شاءت، فدل ذلك على أن السكنى يتعلق بها حق الزوج، فإذا انقطعت حقوق الزوج من الاستمتاع عنها وجب أن يسقط وجوب سكناها.
(١) في (أ): تعلق.