كتاب النفقات
  وروي: «لا تحرم المصة ولا المصتان»(١) وروي: «الإملاجة والإملاجتان»(٢).
  قيل له: هذه الأخبار تحج الشافعي من وجه، وذلك أن مذهبه القول بدليل الخطاب، فدليل الخطاب في هذه الأخبار أن الثلاث تحرم، [فإذا ثبت أن الثلاث تحرم](٣) فلا خلاف بيننا وبينه أن الثالثة كالأولى؛ لأنه لا يوجب التحريم بأقل من خمس رضعات. وأيضاً قوله: «المصة والمصتان» لا يتناول موضع الخلاف؛ لأنا لا نختلف في أن المصة لا تحرم شيئاً، وأن المحرم هو حصول اللبن في جوف الرضيع، فيحمل على(٤) هذا أن يكون ÷ سئل عن المصة والمصتين إذا لم يعلم حصول اللبن في الجوف عندهما فقال: «لا تحرم المصة والمصتان»، ويحتمل أن يكون من سمع ذلك رواه بلفظ الرضعة اعتقاداً بأن معناهما واحد، ولم يعلم أنه خرج على السبب وقصر عليه.
  وأيضاً روي عن ابن عباس أنه سئل عما روي من قوله ÷: «لا تحرم الرضعة والرضعتان» فقال: قد كان ذلك ثم نسخ. فأخبر أنه منسوخ، فدل ذلك على أنه عرف التاريخ فيه والنسخ.
  فإن قيل: روي عن عائشة أنها قالت: كان فيما أنزل الله تعالى من القرآن (عشر رضعات يحرمن) فنسخ بـ (خمس معلومات يحرمن) فتوفي رسول الله ÷ وهن مما يقرأ من القرآن، وكن في صحيفة تحت السرير، فلما اشتغلنا بموت رسول الله ÷ فدخلت داجن فأكلته.
  قيل له: هذا الخبر لا يصح التعلق به لوجوه:
(١) أخرجه مسلم (٢/ ١٠٧٤) وابن ماجه (١/ ٦٢٤).
(٢) أخرجه مسلم (٢/ ١٠٧٤) والنسائي (٦/ ١٠١).
(*) الملج: المص، والملجة: المرة، والإملاجة: المرة أيضاً. (نهاية).
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (د).
(٤) كذا في المخطوطات.