شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب النفقات

صفحة 487 - الجزء 3

  كان الباقي يسيراً، فأما إذا بقيت ستة أشهر فذلك لا يستعمل فيه.

  والوجه الثاني: أنه وإن استعمل فيه فعلى سبيل الاتساع والمجاز، ولا تصرف الآية عن الحقيقة إلى التوسع إلا بالدلالة.

  فإن قيل: ما أنكرتم على من قال لكم: إن قوله تعالى: {وَأُمَّهَٰتُكُمُ اُ۬لَّٰتِے أَرْضَعْنَكُمْ}⁣[النساء: ٢٣] وقوله ÷: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» يقتضي تحريم الرضاع سواء كان في الحولين أو بعدهما؛ لحصول الاسم؟

  قيل له: هذه لا يصح لكم التعلق بها على أصولكم؛ لأنكم تجعلون ما يجري مجراها من الآيات مجملاً⁣(⁣١)، وهكذا قلتم في قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ}⁣[المائدة: ٣٨] وقوله تعالى: {اَ۬لزَّانِيَةُ وَالزَّانِے}⁣[النور: ٢]، وقلتم: لما ثبت أن الحكم يتعلق بالزنا والسرقة على شروط لا تعرف من الظاهر، نحو ألا يكون المرضع كبيراً، وأن تكون التي أرضعته أرضعته من لبن نفسها، وكل⁣(⁣٢) ذلك لا يعقل من الظاهر، فإذا ثبت ذلك ثبت أنه لا يصح لكم التعلق بما تعلقتم به.

  فإن امتنع منهم من هذا الأصل ممتنع وقال: إنه يصح التعلق به قيل له: هو مخصوص بما بيناه ونبينه من بعد.

  فإن قيل: فلستم باعتراضكم بالآية التي اعتمدتموها على الآية التي تعلقنا بها بأولى منا إذا اعترضنا⁣(⁣٣) بالآية التي اعتمدناها على الآية التي اعتمدتموها.

  قيل له: لا سواء، وذلك أن الآية التي اعتمدناها أخص بموضع الخلاف، وفيها بيان مقدار المدة التي تنازعناها، وليس كذلك الآية التي اعتمدتموها، فصار استدلالنا بها أولى.


(١) في (د): ما يجري مجراها مجملاً من الآيات.

(٢) في (أ، د): فكل.

(٣) في (أ): اعترضناكم.