كتاب النفقات
  كان الباقي يسيراً، فأما إذا بقيت ستة أشهر فذلك لا يستعمل فيه.
  والوجه الثاني: أنه وإن استعمل فيه فعلى سبيل الاتساع والمجاز، ولا تصرف الآية عن الحقيقة إلى التوسع إلا بالدلالة.
  فإن قيل: ما أنكرتم على من قال لكم: إن قوله تعالى: {وَأُمَّهَٰتُكُمُ اُ۬لَّٰتِے أَرْضَعْنَكُمْ}[النساء: ٢٣] وقوله ÷: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» يقتضي تحريم الرضاع سواء كان في الحولين أو بعدهما؛ لحصول الاسم؟
  قيل له: هذه لا يصح لكم التعلق بها على أصولكم؛ لأنكم تجعلون ما يجري مجراها من الآيات مجملاً(١)، وهكذا قلتم في قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ}[المائدة: ٣٨] وقوله تعالى: {اَ۬لزَّانِيَةُ وَالزَّانِے}[النور: ٢]، وقلتم: لما ثبت أن الحكم يتعلق بالزنا والسرقة على شروط لا تعرف من الظاهر، نحو ألا يكون المرضع كبيراً، وأن تكون التي أرضعته أرضعته من لبن نفسها، وكل(٢) ذلك لا يعقل من الظاهر، فإذا ثبت ذلك ثبت أنه لا يصح لكم التعلق بما تعلقتم به.
  فإن امتنع منهم من هذا الأصل ممتنع وقال: إنه يصح التعلق به قيل له: هو مخصوص بما بيناه ونبينه من بعد.
  فإن قيل: فلستم باعتراضكم بالآية التي اعتمدتموها على الآية التي تعلقنا بها بأولى منا إذا اعترضنا(٣) بالآية التي اعتمدناها على الآية التي اعتمدتموها.
  قيل له: لا سواء، وذلك أن الآية التي اعتمدناها أخص بموضع الخلاف، وفيها بيان مقدار المدة التي تنازعناها، وليس كذلك الآية التي اعتمدتموها، فصار استدلالنا بها أولى.
(١) في (د): ما يجري مجراها مجملاً من الآيات.
(٢) في (أ، د): فكل.
(٣) في (أ): اعترضناكم.