شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب النفقات

صفحة 488 - الجزء 3

  ومما يدل على ذلك قول النبي ÷: «لا رضاع بعد فطام»⁣(⁣١) و «لا رضاع بعد فصال»⁣(⁣٢) وقد بينا أن الرضاع الذي يتعلق به الحكم الشرعي ينقضي بانقضاء الحولين، فيجب أن يكون بعد الفطام، فإذا ثبت ذلك ثبت ألا رضاع بعده؛ لقوله: «لا رضاع بعد فطام».

  فإن قيل: لو كان الرضاع يتم وينقضي بانقضاء الحولين لم يكن لقوله تعالى: {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٖ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٖ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَاۖ}⁣[البقرة: ٢٣٣] معنى.

  قيل له: لسنا نقول: إن كل رضاع ينقضي بانقضاء الحولين ولا ينقضي قبل انقضائهما، وإنما نقول ذلك في الرضاع الذي يتعلق به التحريم، فبطل هذا السؤال.

  وروي عن زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي # في قوله تعالى: {۞وَالْوَٰلِدَٰتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَٰدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِۖ} قال: (الرضاع سنتان، فما كان من رضاع في الحولين حرم، وما كان بعد الحولين فلا يحرم)⁣(⁣٣).

  وأيضاً لا خلاف بيننا وبين أبي حنيفة أن الرضاع الواقع في آخر السنة الثالثة لا يحرم، فكذلك الواقع في أولها؛ دليله الرابعة وما بعدها، يكشف صحة اعتبارنا السنة الأولى والثانية؛ لأن التحريم لما تعلق بالرضاع الواقع في أولهما تعلق بالرضاع الواقع في آخرهما، واستوت أحوال أولهما وآخرهما في هذا الباب.

  على أنه لا دليل إلا ما ذكرناه يقتضي الفصل بين الزمان الذي يحرم فيه الرضاع والزمان الذي لا يحرم فيه الرضاع، فوجب أن يكون الرجوع إليه؛ لأن الذي يذهبون إليه من التقدير لا دليل عليه، وهم أيضاً لا ينكرون أن ذلك مما لا


(١) أخرجه الطبراني في الأوسط (٦/ ٣٣٧).

(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٥٢٣).

(٣) مجموع الإمام زيد بن علي # (٢١٧).