كتاب البيوع
  على أن ذلك يحتمل أن يكون في أمهات أولاد ولدن قبل الملك، وهذا مما لا نأباه.
  ومما يدل على ذلك: ما أخبرنا به أبو بكر المقري، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا ابن أبي داود، قال: حدثنا ابن اليمان، قال: أخبرنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، قال: حدثني عبدالله بن محيريز الجمحي، أن أبا سعيد الخدري أخبره أنه بينما هو جالس عند النبي ÷ إذ جاءه رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله، إنا نصيب سبياً ونحب الأثمان، فكيف ترى في العزل؟ فقال النبي ÷: «لا عليكم ألا تفعلوا ذلك، فإنها ليست نسمة كتب الله ø أن تخرج إلا وهي خارجة»(١).
  فلولا أن بيعها بعد الاستيلاد غير جائز لقال ÷: ليس الاستيلاد بمانع من الثمن، فدل ذلك على حظر بيعهن.
  فأما ما يذكره المخالف في هذا الباب مما يجري مجرى النظر فلا معنى له؛ لأنه يؤدي إلى خلاف النصوص التي ذكرناها، وإلى خلاف ما أجمع عليه، وما يجري هذا المجرى من النظر فهو فاسد، على أنهم لا يخالفون في أن إطلاق بيعها في حال الحمل غير جائز؛ لأنهم فرقتان:
  فرقة يذهبون إلى أن بيعها في حال الحمل غير جائز على وجه من الوجوه.
  وفرقة يذهبون إلى أن بيعها لا يجوز إلا أن يستثني ما في بطنها. فحصل الوفاق في أن بيعها على الإطلاق غير جائز، فوجب ألا يجوز بيعها بعد الولادة على الإطلاق؛ والعلة أن مالكها أحبلها في الإسلام، فكل مملوكة حبلت من مالكها في الإسلام لم يجز إطلاق بيعها، وإذا ثبت أن إطلاق بيعها غير جائز ثبت أنه لا يجوز بيعها على وجه من الوجوه؛ إذ لم يفصل أحد بين ذلك، ويؤكد ذلك بالحظر والاحتياط.
(١) شرح معاني الآثار (٣/ ٣٣).