شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يصح أو يفسد من البيوع

صفحة 22 - الجزء 4

  غلاماً له عن دبر فأتى النبي ÷ فذكر له الحاجة فأمره أن يبيعه، فيه دليل على أن بيعه كان من أجل الحاجة ومقصوراً عليها، وهذا نص فيما ذهبنا إليه.

  فإن قيل: فقد روى الجصاص بإسناده عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله: «المدبر لا يباع ولا يشترى، وهو [حر]⁣(⁣١) من الثلث»⁣(⁣٢)، وهذا عام في جميع الأحوال.

  قيل له: لا ننكر ما ذكرت، وبه نحتج على الشافعي ومن قال مثل قوله إذ أجاز بيعه، إلا أنا نخصص⁣(⁣٣) منه مدبر المضطر بالدليل الذي قدمناه.

  فإن قيل: روي عن أبي جعفر # أنه قال: إنما باع رسول الله ÷ خدمة المدبر⁣(⁣٤).

  قيل له: هذا لا يمنع ما اعتمدناه من الأخبار؛ لأنه يجوز أن يكون ÷ باع خدمة المدبر مرة، والمدبر نفسه مرة أخرى، فليس بينهما تناف، وأكثر ما في هذا أن يكون أبو جعفر # لم يعرف أحد البيعين وعرف الآخر.

  فإن قيل: ما تنكرون على من قال لكم: إنا نجوز بيع بعض المدبر، وهو ألا يكون عتقه علق بمجرد موت مالكه⁣(⁣٥)، فيحمل الخبر عليه؟

  قيل له: ظاهر الخبر يقتضي خلاف ذلك؛ لأن فيه أن رجلاً أعتق غلاماً له عن دبر، وذكر الحاجة، فأمر ببيعه، فذكر الإعتاق عن دبر، ولم يذكر شرطاً سواه فيه، ولا يمكن إثبات شرط لا يقتضيه الخبر ولم⁣(⁣٦) يدل الدليل عليه.

  فإن قيل: قد روي عن النبي ÷: «المدبر لا يباع ولا يشترى» ثم روي


(١) ما بين المعقوفين من شرح مختصر الطحاوي.

(٢) شرح مختصر الطحاوي (٨/ ٢٧٥).

(٣) في (هـ): نخص.

(٤) رواه في أمالي أحمد بن عيسى (٣/ ١٦٦) بدون «إنما»، والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٥٢٦).

(٥) بل ذكر معه شرط آخر. (من هامش هـ).

(٦) في (هـ): ولا.