باب القول فيما يصح أو يفسد من البيوع
  فإن قيل: البيع هو إيجاب الملك للغير، والموقوف لا يكون ملكاً، فلا يجب أن يكون بيعاً، فثبت أن الاسم لا يتناوله.
  قيل له: البيع هو اسم الإيجاب والقبول فقط(١)، يكشف ذلك أن المتعاقدين لو تعاقدا عل خيار معلوم كان ذلك بيعاً وإن لم يجب الملك.
  ومما يدل على ذلك: حديث عروة البارقي قال: أعطاني رسول الله ÷ ديناراً لأشتري به شاة، فاشتريت به شاتين، فبعت إحداهما بدينار، وجئت بالأخرى، فقال: «أحسنت»(٢).
  وروي أنه قال: أعطاني ديناراً أشتري به أضحية، فاشتريت به شاتين، فبعت إحداهما بدينار، وجاءه(٣) بدينار وشاة، فدعا له ÷ بالبركة في بيعه، فكان لو اشترى التراب ربح فيه(٤)، وفي بعض الأخبار، قلت: هذا ديناركم، وهذه شاتكم، فقال: كيف صنعت؟ فحدثته بالحديث، فقال: «اللهم بارك في صفقة يمينه»(٥).
  فدلت هذه الأخبار على ما ذهبنا إليه من جواز البيع والشراء الموقوفين؛ لأن النبي ÷ أمره أن يشتري شاة فاشترى شاتين بغير أمره، ثم باع إحداهما بغير أمره، فأجازه النبي ÷، فدل على ما ذهبنا إليه من أن الإجازة تلحق البيع والشراء جميعاً.
  ومما يدل على ذلك: ما روي عن النبي ÷ أنه أعطى حكيم بن حزام ديناراً وأمره أن يشتري به أضحية، فاشترى وباع، ثم اشترى، ثم أتى النبي ÷ بدينار وشاة، فقال: «ما هذا»؟ قال: بعت واشتريت وربحت، فقال
(١) «فقط» ساقط من (أ، ج).
(٢) رواه بهذا اللفظ الجصاص في شرح مختصر الطحاوي (٣/ ٨٦).
(٣) في (هـ): فجئته.
(٤) «فيه» ساقط من (أ، ج).
(*) أخرجه البخاري (٤/ ٢٠٧).
(٥) أخرجه أحمد في المسند (٣٢/ ١٠٦) والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ١٨٦).