كتاب البيوع
  قيل له: نخص ذلك بدلالة الإجماع، ومن طريق السنة ما روي أن علياً # [خطب الناس و](١) قال: (سيأتي على الناس زمان عضوض، يعض الموسر على ما في يده، ولم يؤمر بذلك، قال الله تعالى: {وَلَا تَنسَوُاْ اُ۬لْفَضْلَ بَيْنَكُمْۖ}[البقرة: ٢٣٥]، ويبايع المضطرون، وقد نهى رسول الله ÷ عن بيع المضطرين، وبيع الغرر)(٢).
  وهذا من بيع المضطر(٣)؛ لأن الشيء لا يشترى بأكثر من سعر يومه مؤجلاً إلا لضرورة، وقد بينا تناول النهي له(٤)، فيجب فساده.
  فإن قيل: فمن يشتري بأكثر من سعر يومه إنما يشتريه لضرب من الضرورة وإن كان الثمن معجلاً، وقد أجزتموه، وكذلك من يبيع الشيء بأقل من سعر يومه إنما يفعله لضرب من الضرورة، وقد أجزتموه.
  قيل له: إنما تعلقنا بالعموم، وكل ما سألتم عنه مخصوص بالإجماع، وأيضاً روي أن امرأة قالت لعائشة: إني بعت من زيد بن أرقم خادماً بثمانمائة درهم إلى العطاء، ثم اشتريته بستمائة درهم، فقالت: بئس ما شريت، وبئس ما اشتريت، أبلغي زيد بن أرقم أن الله تعالى قد أبطل جهاده مع رسول الله ÷ إن لم يتب، فقالت: أرأيت إن لم آخذ إلا رأس مالي، فقالت عائشة: {فَمَن جَآءَهُۥ مَوْعِظَةٞ مِّن رَّبِّهِۦ فَانتَهَيٰ فَلَهُۥ مَا سَلَفَ(٥) [وَأَمْرُهُۥ إِلَي اَ۬للَّهِۖ](٦)}[البقرة: ٢٧٤]، وهذا لا يجوز أن تقوله إلا توقيفاً؛ إذ فيه إبطال الجهاد، وذلك لا يكون
(١) ما بين المعقوفين من (أ، ج).
(٢) أخرجه أبو داود (٢/ ٤٦٢) وأحمد في المسند (٢/ ٢٥٢).
(٣) في (ب): المضطرين.
(٤) في (أ، ب، ج، د): تناوله النهي.
(٥) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٥/ ٥٤٠) والدارقطني في السنن (٣/ ٤٧٧).
(٦) ما بين المعقوفين من (أ، ج، د).