كتاب البيوع
  للاجتهاد(١)، وفيه مقادير الثواب والعقاب، ولا طريق لها إلا التوقيف.
  فإذا ثبت ذلك فليس يخلو إبطالها البيع الأول من أن يكون لأنه بيع إلى العطاء، وقد عرف(٢) من مذهبهما خلاف ذلك، أو يكون لأنه بيع بأكثر من سعر يومه مؤجلاً، فإذا فسد الأول لم يبق إلا الثاني.
  فإن قيل: فأجيزوا ذلك لغير المضطرين إذا تبايعا.
  قيل له: قد بينا أن موضوع هذا البيع موضوع الاضطرار، ولا(٣) معتبر بحال المتبايعين؛ ألا ترى أنه لا خلاف في المضطرين إذا تبايعا الشيء بمثل سعر يومه أنه غير مراد بالخبر؟ فإذاً المراد أن يكون البيع موضوعه موضوع الاضطرار.
  ويمكن أن يقال لأبي حنيفة والشافعي: لا نختلف في أن من باع شيئاً بأكثر من سعر يومه مؤجلاً واشترط خيار رابعه(٤) أن البيع فاسد، فكذلك إذا لم يشترط الخيار(٥)، والعلة أنه بيع بزيادة الثمن مؤجلاً.
  ويدل عليه أن من عليه الحق لو قال لصاحبه: «أخرني بحقك وأزيدك» لم يجز ذلك؛ لأنه زيادة ليس في مقابلها إلا الأيام، فكذلك بيع الشيء بأكثر من سعر يومه بزيادة؛ ألا ترى أن الزيادة لم تحصل إلا على الأيام فقط؟ وليس يلزم عليه السلم؛ لأن من يسلم(٦) في أكثر مما يتبايع به لا يقال: إن بيع بزيادة، وإنما يقال في مثله: بيع بوكس وإن كان فيه زيادة من وجه.
  على أنه لا خلاف بيننا وبين أبي حنيفة أن من باع شيئاً لم يجز له أن يشتريه بأقل
(١) فيه مسرح. (من هامش هـ).
(٢) في (هـ): عرفت.
(٣) في (أ، ج): فلا.
(٤) في (ب، د، هـ): بائعه. وفي أصول الأحكام (٢/ ٨٤٥): أربعة أيام.
(٥) في (ب، د، هـ): فكذلك إذا لم يكن شرط الخيار.
(٦) في (أ، ج): أسلم.