شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يصح أو يفسد من البيوع

صفحة 34 - الجزء 4

  مما باعه به من قبل أن يستوفي الثمن الأول، فكذلك ما ذهبنا إليه؛ لأنه تحيل⁣(⁣١) في أن يحصل في الثمن زيادة لا يقابلها إلا مرور الزمان.

  وقلنا: إن ذلك لا يجوز وإن لم يشترطا الأجل لفظاً إذا كانا مضمرين له لقول الله تعالى: {إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَٰرَةٌ حَاضِرَةٞ تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ}⁣(⁣٢) [البقرة: ٢٨١]، وقد ثبت أنهما لم يتراضيا بما جرى بينهما من العقد الظاهر؛ لانطوائهما على خلاف ذلك؛ ألا ترى أن المشتري لو علم أنه يطالب بالثمن معجلاً لم يكن يشتريه بذلك الثمن؟ ولا معتبر بظاهر ما يقع منهما؛ ألا ترى أن المكره إذا باع لم يجز بيعه وإن ظهر منه ظاهر الإيقاع، لَمَّا قارنه ما يدل على أنه غير راض به؟ فكذلك ما ذكرناه، ولذلك أبطلنا طلاق المكره وعتاقه.

مسألة: [في بيع الجزاف]

  قال: ولا بأس ببيع الجزاف إذا⁣(⁣٣) لم يعرف المتبايعان قدره، فإن كان أحدهما عالماً بمقداره فسد البيع.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣٤).

  ووجهه: ما روي عن النبي ÷ من النهي عن بيع الغرر، وهذا من التغرير؛ لأنهما إذا باعا جزافاً وأحدهما عالم بمقداره والآخر غير عالم أنه يكون العالم غاراً له، وأيضاً ما روى أبو داود بإسناده عن ابن عمر أن رجلاً ذكر للنبي ÷ أنه يخدع في البيع، فقال له النبي ÷: «إذا بايعت فقل: لا


(١) في (أ، ج، هـ): لا تحيل.

(٢) كذا في المخطوطات، والظاهر أن المراد قوله تعالى: {إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَٰرَةٌ عَن تَرَاضٖ مِّنكُمْۖ}⁣[النساء: ٢٩]، بدليل قوله بعدها: وقد ثبت أنهما لم يتراضيا ... إلخ.

(٣) في (د، هـ): وإن. وشكل في (د) على الواو.

(٤) الأحكام (٢/ ٢٥).