شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب البيوع

صفحة 39 - الجزء 4

  فيما رزقناه، وهذا ينفي أن يكون لهم ملك؛ لأنه لو جاز أن يكون لهم ملك جاز أن يكونوا شركاءنا في كثير من الأملاك.

  فإن قيل: فإنه قال: {فِے مَا رَزَقْنَٰكُمْ} والشيء إذا كان ملكاً لإنسان لم يصح أن يكون له فيه شريك حر ولا عبد؛ لأن الشركة تقتضي أن ذلك التصرف بكماله ليس ملكاً له⁣(⁣١).

  قيل له: هذا يخرج الآية من أن تكون لها فائدة؛ لأن ذلك يستوي فيه الحر والعبد، والله تعالى إنما قال: {هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُم مِّن شُرَكَآءَ}، فخص نفي الشركة بيننا وبين ما ملكت أيماننا، فدل ذلك على أمر يختص ملك اليمين، وليس ذلك إلا ما ذهبنا إليه.

  على أن الآية تدل على ما ذكرناه من وجه آخر، وهو أنه تعالى أراد أن يبين أن الملك كله له، وأنه ليس لنا ملك نستبد به دونه؛ ألا ترى أنه تعالى قال: {وَلَهُۥ مَن فِے اِ۬لسَّمَٰوَٰتِ وَالْأَرْضِۖ كُلّٞ لَّهُۥ قَٰنِتُونَۖ ٢٥}⁣[الروم: ٢٥]، إلى قوله: {مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُم مِّن شُرَكَآءَ}⁣[الروم: ٢٧]، فلولا أن ما ملكت أيماننا لا يجوز أن يستبدوا بالملك دوننا لم يصح ضرب هذا المثل.

  ويدل على ذلك: ما أخبرنا به أبو الحسين البروجردي، قال: حدثنا يوسف بن هارون القاضي، قال: حدثني علي بن شعيب وأحمد بن يحيى، قالا: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، يبلغ به النبي ÷ قال: «من باع عبداً وله مال فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع».

  وأخبرنا محمد بن عثمان النقاش، قال: حدثنا الناصر، عن محمد بن منصور، عن عباد بن يعقوب، عن حاتم بن إسماعيل، عن جعفر، عن أبيه، قال: قال علي #: (من باع عبداً وله مال فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع)⁣(⁣٢).


(١) في (أ، ج): ليس له ملكاً له.

(٢) أمالي أحمد بن عيسى (٣/ ١٦١).