كتاب البيوع
  فدل الخبر على أن ما في يد العبد يكون لمالكه؛ ألا ترى أنه جعل المال للبائع دونه في الوقت الذي أضافه إلى العبد؟ يبين ذلك أنه ÷ لما جعل مال العبد في حال زوال تملك مولاه عنه لمولاه كان الأولى أن يكون ذلك لمولاه في حال تملكه إياه.
  فإن قيل: فكيف يصح لكم الاستدلال به وفيه إضافة المال إلى العبد؟
  قيل له: الشيء قد يضاف إلى من هو في يده كما يضاف إلى مالكه؛ ألا ترى أن الله تعالى أضاف البيوت إلى النبي ÷ تارة وإلى أزواجه تارة؟ فإذا احتمل ذلك ما ذكرناه وجب أن يحمل ذلك على أنه أضافه إليه لتقريره ÷ ملكاً لبائعه.
  فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {وَأَنكِحُواْ اُ۬لْأَيَٰمَيٰ مِنكُمْ وَالصَّٰلِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَآئِكُمْۖ إِنْ يَّكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغْنِهِمُ اُ۬للَّهُ مِن فَضْلِهِۦۖ}[النور: ٣٢]، والغنى يكون بالملك، فدل ذلك على أنهم يملكون.
  قيل له: يجوز أن يكون المراد به الغنى بالنكاح، كما قال الله تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ اِ۬لذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّيٰ يُغْنِيَهُمُ اُ۬للَّهُ مِن فَضْلِهِۦۖ}[النور: ٣٣]، وهو أولى؛ لأنه خبر، وهو لا يقع بخلاف المخبر، وفي الفقراء من يتزوج فلا يستغني بالمال.
  فإن قيل: فقد قال النبي ÷: «من أحيا أرضاً ميتة فهي له»(١)، ولم يستثن حراً من عبداً.
  قيل له: لا نسلم أن العبد هو المحيي؛ لأن كسبه لمولاه، فالمحيي إذاً هو السيد؛ ألا ترى أن من استأجر أجيراً على أن يعمر أرضاً يكون المحيي هو المستأجر دون الأجير، لما كان فعله يقع للمستأجر؟
  فإن قيل: فقد روي عنه ÷: «من أعتق عبداً فماله له إلا أن يشترط المعتق»(٢).
(١) أخرجه أبو داود (٢/ ٣٨٦) والترمذي (٣/ ٥٦).
(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٥/ ٥٣١) والطبراني في الأوسط (٨/ ٣١١، ٣١٢) بلفظ: إلا أن يشترط السيد ماله فيكون له.