كتاب الطهارة
  منصور، عن عطاء: أن حبشياً وقع في زمزم [فمات]، فأمر ابن الزبير فنزح ماؤها، فجعل الماء لا ينقطع، فنظرنا فإذا عين تجري [من] قِبَل الحجر الأسود، فقال ابن الزبير: حسبكم(١).
  وأخبرنا أبو الحسين بن إسماعيل، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن اليمان، قال: حدثنا محمد بن شجاع، قال: حدثنا المعلى بن منصور، عن هشيم، عن منصور، عن عطاء مثله.
  فقد ثبت بما رويناه أن أمير المؤمنين # راعى فيه أن يكون الماء يغلب النازح، وكذلك ابن الزبير، وذلك نص ما ذهبنا إليه من أن الماء إذا كان لا يستوعب بالشرب والطهور فإنه لا ينجس إلا أن يتغير.
  ومن مذهبنا أن أمير المؤمنين # إذا قال قولاً فيجب اتباعه والانتهاء إليه، على أن غيرنا أيضاً يقول: إن الصحابي إذا قال قولاً ولم يعرف له مخالف فيه وجب القول به.
  فإن قيل: فإن في هذه الأخبار أنه نزح ماؤها حتى غلب، وأنتم لا تشترطون ذلك.
  قيل له: إن النزح يحتمل أن يكون أمر به لأن يتبين أن الماء غالب إذا لم يكن ذلك معلوماً، وإذا احتمل ذلك وقد ثبت أن النازح لا يمكنه أن ينزح النجس ويترك الطاهر علمنا أن المراد بالنزح ما أشرنا إليه أن المراعى فيه أن يكون الماء غالباً.
  فإن قيل: فقد روي ما أخبرنا به أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا محمد بن خزيمة، قال: حدثنا حجاج بن المنهال، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن ميسرة: أن علياً # قال في بئر وقعت فيها
(١) شرح معاني الآثار (١/ ١٧).